بين الجد واللعب

كهرباء 24/24 بعد خمس سنين؟ "يدري مين يعيش"

بعد تسع سنوات على المحاولة الاخيرة لإقرار خطة لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية على مدار الساعة وبعد أخذ ورد وتصريحات ومهاترات سياسية تحمل في طيّاتها روائح صفقات نجح مجلس الوزراء في اقرار الخطة التي من حيث المبدأ تحتاج خمس سنوات لتنفيذها بالكامل.

بعد أقل من شهر على انطلاق حملة تنظيف القضاء من الفساد، وتسليم النائب حسن فضل الله ملف وزارة المالية الذي يفتقد 11 مليار دولار صرفت خلافاً للقوانين، انفجر الوضع بين مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس وفرع المعلومات على خلفية تضارب الصلاحيات بين القضاء والأمن، وذلك إثر توقيف عدد من المساعدين القضائيين وإيقاف أربعة قضاة عن العمل. أمّا ملف وزارة المالية فقد نام في مكان ما بعد أن أعلن مفتى الجمهورية عبد اللطيف دريان أن رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة "خط احمر" وتم توقيف بعض صغار الموظفين في وزارة المالية.

باختصار، إن كانت حملة محاربة الفساد ستحسب على العهد فمن الواضح أن سيفها لم يطل سوى صغار الفاسدين، وإن كانت خطة الكهرباء ستحسب له أيضاً، فإن اكتمال تنفيذها لن يتم إلا في منتصف ولاية رئيس الجمهورية المقبل، و"يدري مين يعيش".

العسكر يعيد إنتاج سلطته في العالم العربي بدعم الغرب الذي لا يحب الديمقراطية عندنا

أنهت المنطقة العربية ثماني سنوات على انطلاق ما سُمّي بـ"الربيع العربي" وها هي معالم النظام العربي الجديد تكتمل تباعاً، ويبدو بشكل واضح أن ما حصل هو إعادة إنتاج الأنظمة العسكرية في المنطقة بقادة جدد وبولاءات مختلفة. بفارق أن المنطقة أصبحت ركاماً من المحيط إلى الخليج وازدادت تبعيةً للغرب وتراجعت فيها المشاعر القومية لمصلحة القُطرية (مصر أوّلاً، لبنان أوّلاً،.. إلخ.). وفي لبنان، الذي كان يُعتبر واحة الديمقراطية في العالم العربي، عجز النظام اللبناني منذ العام 1998 عن إنتاج رئيس مدني، ولو أننا نعرف أن صلاحيات الرئيس محدودة مقارنة بنظرائه العرب.

أكبر الدول العربية، مصر التي حكمها العسكر منذ إطاحة الجيش بالملك فاروق عام 1952 بقيادة "حركة الضباط الأحرار" تغيّرت فيها ولاءات القائد الحاكم ولكن بقي العسكر هو عماد الحكم. وها هو السيسي يتربّع على عرش مصر حتى العام 2030 بموجب التعديلات الجديدة على الدستور. الجارة ليبيا التي حكمها العسكر بشخص العقيد معمر القذافي منذ إطاحته الملك إدريس السنوسي بانقلاب عسكري عام 1969 حتى اطاحت به قوات الناتو عام 2011 بستار انتفاضة "الربيع العربي" وبقي الوضع في فوضى إلى أن تقدم المشير خليفة حفتر وسيطر على منطقة الهلال النفطي قبل أن يبدأ مؤخّراً حملته للسيطرة على العاصمة طرابلس بدعم مصري إماراتي روسي.

والجزائر، التي حكمها العسكر منذ انتصار " جبهة التحرير الوطني" في معركة الاستقلال عن فرنسا عام 1964، نزل شعبها إلى الشارع ضد ولاية خامسة للرئيس المريض عبد العزيز بو تفليقة، وضحّى الجيش بأبي تفليقة من أجل تقديم مرشحٍ جديد يعيد فرض سيطرته على البلاد. وحيث لم يثبت العسكر سيطرته، لا يزال الوضع في فوضى عارمة كما الحال في العراق وسوريا واليمن. أمّا في السودان التي حكمها العسكر منذ انقلاب الجنرال جعفر النميري عام 1968 ضد الرئيس الصادق المهدي "زعيم حزب الامة" حتى العام 1985، ثم أطاح به الجنرال سوار الدهب الذي سلّم السلطة طوعاً لزعيم حزب الأمة الصادق المهدي مجدّداً بعد عام واحد، ليقوم الجنرال عمر البشير بإطاحة المهدي عام 1989 ويتولى زمام الامور حتى الساعة حيث يواجه انتفاضة شعبية عارمة. باختصار الغرب الديماغوجي لا يريد الديمقراطية عند العرب فالتحكم بديكتاتور أسهل بكثير من التحكم بإرادة شعب.


انتخابات كيان الاحتلال تفرز فوزاً لضبع أسود او ضبع أبيض

عند كتابة هذه السطور لم تكن صناديق الاقتراع في الكيان الغاصب فوق أرض فلسطين قد أقفلت بعد، وقد وصف المتابعون لهذه الانتخابات بأنها الأهم في تاريخ الكيان حيث يجري الصراع بين قوى اليمين واليمين المتشدد ويمين الوسط ويغيب فيها اليسار الذي دخل غيبوبة سياسية منذ قرابة عقد من الزمن.

أبرز المرشحين هو رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو زعيم حزب "الليكود" الذي يقود ائتلافاً حكوميّاً يمينيّاً متطرفاً، وأبرز منافسيه هو رئيس الأركان السابق لجيش العدو الجنرال بني غانس الذي يقود تحالفاً يمينيّاً تحت اسم "أزرق أبيض" يضم في صفوفه أربعة جنرالات سابقين، وبين الرجلين مروحة واسعة من الشخصيات اليمينية.

لا يختلف المرشحون كثيراً في هذه الانتخابات على شؤون التوسّع الاستيطاني وضم القدس والجولان وربما الضفة الغربية ولا على كيفية قمع انتفاضة الشعب الفلسطيني المتواصلة عبر تظاهرات "العودة" الأسبوعية، وها هي تتوّج اليوم بمعركة الأمعاء الخاوية التي يعبرعنها آلاف المعتقلين بإضرابهم عن الطعام في سجون الاحتلال. لذلك لا يهمنا من سيربح هذه الانتخابات لأن النتيجة ستكون فوز إما الضبع الأسود أو الضبع الأبيض وكلاهما يبغي افتراسنا.

لتعليقاتكم على البريد الالكتروني: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

  • العدد رقم: 355
`


ماهر أبي نادر