يعيش اللبنانيون اليوم كابوساً مقلقاً مع الصرف المتزايد للآلاف من وظائفهم، الهزيلة أصلاً، ومن يبقى في عمله يعمل بنصف راتب، بدءاً من موظفي المصارف نفسها التي لا تستطيع تحمل أعباء أشهر قليلة رغم تمتعها بسنوات طويلة من الدلال والدلع. من ارتضى العمل بنصف راتب، خسر حوالي نصف قوته الشرائية جراء انهيار سعر الصرف وغلاء الأسعار والتضخم الحاصل. أما أولئك الذين كانوا معطلين عن العمل، فهم الفئة الأكثر معاناةً، حيث يتجهون إلى انهيار اجتماعي قد يجرّ الكثيرين إلى المجاعة أو التشرّد أو الهجرة، أو الارتهان لمراكز القوى السياسية والمالية لقاء الفتات.
يلعب العم سام لعبته المفضلة اليوم. استغلال المتغيرات والتناقضات الداخلية القائمة، ومحاولة التأثير عليها لاستثمارها في حسابات مصالحه السياسية. الكونغرس الأميركي يناقش في جلسات علنية التطورات في لبنان. تبرز تناقضات بين أعضائه حول ماهية الوسائل الأفضل لاستثمار الانتفاضة الشعبية.
«النداء» وُجِدت كي تكون صوتاً للطبقة العاملة وكل الفئات الاجتماعية المستغَلّة، من أجراء وموظفين ومزارعين ومُعطّلين عن العمل، وطلاب وشباب ونساء في وطننا لبنان وفي كل العالم. ها هو شعبنا يخرج اليوم، لأسابيع متتالية رافعاً شعارات تعكس تقدم الوعي السياسي والطبقي لفئات واسعة من اللبنانيين ضدّ هذا النظام، وأحزابه الحاكمة، التي أوصلت بلدنا إلى مستنقع الانهيار الاقتصادي وما يتبعه من أزمات اجتماعية تطال هذه الفئات تحديداً.
مجدّداً يتهيأ جيش الاحتلال التركي لشن عملية عسكرية عدوانية على مناطق شمال سوريا. وكما العدوانين السابقين، فهذا العدوان هو أيضاً بتغطية وضوء أخضر أميركي وعدم رفض روسي يشابه القول الشعبي "السكوت علامة الرضى".
مدينة خيالية في الولايات المتحدة الأميركية، 1999
في المشهد النهائي لفيلم "فايت كلوب/ نادي القتال" (Fight Club,1999)، يدير لنا البطلان ظهرهما ويستمتعان بالمنظر، بينما نشاهد معهما من خلف الألواح الزجاجية لإحدى ناطحات السحاب، تفجير البنايات وتساقطها الواحدة تلو الأخرى في ظلّ تصاعد إيقاع الموسيقى. لم تكن هذه المباني عادية، بل هي المباني التي تُحفظ فيها سجلّات بطاقات الائتمان، فجّرها أعضاء العصابة لـ "محو الدّيْن"، كما تقول الشخصية الرئيسية. لم يكن للبطل حلّ آخر لمعالجة ما يعيشه هو وما يعيشه الناس من حوله، ذلك الفرد الوحيد في مطحنة الماكينة اليومية لرأس المال، العاطل عن العمل، المستهلِك المكبوت الذي لا يجد هدفاً لحياته فيحاول بشتى الأشكال الخروج من النظام.
كتبه: لجنة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي اللبناني