في عالم اليوم حيث يسود التعصّب ويتمّ التسويق للجهل والسطحيّة والتفاهة، تحت مسمّيات خادعة من مِثل مواكبة التطوّر وموضة العصر، وحيث بلغت سهولة العيش لكثيرين، وتوافر الانترنت ووسائل التواصل حدّاً زاد فيه التكاسل عند تلامذة المدارس كما طلّاب الجامعات، وقلّت الرغبة، وبذل الجهد، في التحصيل العِلمي والبحث الجادّ الرّصين، نعود عَبر البحث والتدقيق في المصادر والمراجع الاصيلة إلى عرض نموذج لباحث عربي وعالِم ومؤرِّخ مميَّز ورائد في مجاله، دأب على التحصيل العِلمي والدراسة فالكتابة والتأليف حتّى ترك لنا أثراً عِلميّاً يُحتذى به، عَلّه يحفّز أبناء اليوم على الجِدّيّة والموضوعية والبُعد عن التعصّب والأفكار المسبَقة المعلَّبة.
تسعة أشهر تسلّلت خلسة في ليلة واحدة وأنا غارقة في أمنياتي. عند إقلاع طائرة العودة إلى الصين، خفق قلبي وسرح نظري من خلال النافذة إلى المباني المصطفة حيث تشع أضواء الشارع. قبل تسعة أشهر، كنت في لبنان أتطلّع إلى العودة لوطني الأم، لكن بعد عودتي، أنا الآن أشتاق إلى لبنان. فقد استوطنت في ذهني ذكرياتي الجميلة هناك إلى الأبد.
لطالما تلذّذت بمشاهدة الليل وهو يرخي سدوله ليكسو أرض لبنان. أمّا المغيب فهو بالنسبة لي مثل صندوق ساحر يربط ذكرياتي بلبنان، يحملها ويصونها. وفي معظم أوقاتي كنت أتمتع بمشهد المغيب عبر شرفة شقتنا. كنت كلّما انتهيت من صفوفي المُتعِبة في الجامعة، أودّع وزملائي صاحبَ مقهى الجامعة، ذاك الذي يلقي السلام عليّ كل صباح ويعد لنا ألذّ "منؤوشة"، لأذهب بعدها إلى "موعدي" مع المغيب.