رضوان حمزة: الغائب الحاضر

دون أي تمهيد، رحل رضوان حمزة قبل 5 سنوات. ترك وراءه إذاعة أحبّها وقدم لها سنوات ومجهوداً وخبرة قل نظيرها. على أثر وفاته انتشر فيديو لحمزة، يتلو فيه نصّاً كتبه صديق عمره زياد الرحباني، وقد أبدع في سرد ما كتبه صديقه. لعن ذلك النص الفقر، وأسقط عنه رومانسيته الرأسمالية. أظهر وجهه البشع والمؤلم. استطاع حمزة نقل هذا الألم في صوته وإلقائه فأشعرَنا بوجع الفقر وإن لم نعشه. 

Image

قصص من الاغتراب

أنطوني، طالب في فرنسا من الصعب شرح مدى صعوبة الوضع الحالي، اذ عقب الازمة الكبيرة التي شهدتها البلاد لم يعد باستطاعة اهلي ارسال لي الاموال المطلوبة لتغطية كلفة المعيشة الباهظة في باريس، مما دفعهم الى الهجرة بدورهم بحثاً عن عمل من اجل اعالتي. لم أعد يتصور أنه هناك أي امكانية لعودتي للعمل في لبنان، ما يعمق الفجوة الكبيرة في عدد الشباب المتعلم في سوق العمل المحلية. الامر سيىء ومقلق، وهذه الازمة هجرتني انا واهلي. اعرف أن أكثرية الطلاب يعانون، والاكثرية الساحقة منهم لم تعود متمكنة من دفع الاجارات، فيضطرون للنوم في بيوت اصدقائهم ومنهم من تقدم بطلبات منح الى الجامعات للاستمرار في تحصيلهم العلمي. *** باسل، الطالب في تشيكيا من الاخر، "ما عاد فينا نكفي برا"، حاولت تدبر امرين فعملت ودرست في وقت واحد، لتسيير الامور، لكنني كنت انفق معظم راتبي على مصاريف الجامعة مع القليل من مساعدة اهلي، الا ان هذا بات مستحيلاً، فاضطريت الى العودة الى لبنان، تاركاً احلامي وامالي في حدائق براغ الجميلة. لم يرحموا أحداً، لا في البلاد ولا في خارجها.  *** سامر، طالب في روسيا نحنا هنا كطلاب في روسيا بدءنا نفقد مصروفنا تدريجياً، مع ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان حتى وصلنا لمرحلة اننا نسينا شيء اسمه مصروف آتٍ من لبنان، وهذا الموضوع أثر علينا كثيراً، من ناحية هناك مصروف الجامعة والسكن، وهناك الكثيرمن ال طلاب الذين تركوا الجامعة لان ذويهم لم يعودون قادرين على الدفع. اقتصرت الصعوبة علينا كطلاب منح من الناحية المعيشة والدفع للسكن. شخصياً لم أعد قادر على دفع مقابل السكن دفعة وحدة كما جرت العادة، فبدأت تقسيط كل شهر، ولكنني ايضاً اتاخر في الدفع. اضافة الى انني بدأت اعمل من اجل الحفاظ على الحد الادنى من مستوى اقل من الطبيعي، وهذا الامر صعب عليّ متابعة دروسي، وبات عليي التفضيل بين الجامعة والعمل، وحكماً عليي اختيار الدرس.  *** الدكتور ربيع كنج، عضو الجمعية البنانية لاولياء الطلاب في الجامعات الاجنبية  أوضح د. كنج معاناة الطلاب في الخارج والتحديات التي يواجهها الاهالي، وقال انه بعد سنة من الضغوطات والاحتجاجات المتواصلة على مختلف المرجعيات السياسية، وبعد فترة طويلة من الاعتصامات في اكثر من مرفق عام، ما تزال معاناة الطلاب في الخارج موجودة وتتفاقم. يسرد كنج كيف تقدمت الجمعية اللبنانية لاولياء الطلاب في الجامعات الاجنبية بقانون الدولار الطالبي الذي اصدره المجلس النيابي منذ فترة ليست بالطويلة. وبحسب قول كنج ان هذا الانجاز المهم لم يحمل ثماراه المتوقعة، فالمرجعيات القانونية التي كان من واجبها تطبيق هذا القانون تقاعست عن ذلك، وعمد المجلس النيابي ايضاً الى تحريف اقتراح القانون الاصلي بخلق عقبات كثيرة افرغت النص القانوني من فحواه. ويضيف كنج ان عدداً ضئيلاً جداً من الطلاب استفادوا من هذا القانون، ومعظمهم حصل حقوقه بعد نزاعات قانونية طويلة. برغم سودوية المشهد يشير كنج الى ان هنالك عدد من القضاة الشرفاء الذين أجبروا المصارف على تحويل اموال الطلاب منهم القاضي احمد مزهر والقاضي كارلا شواح و غيرهم من الذين حكموا لمصلحة الطلاب تطبيقاً للقانون. يشير كنج ان القانون لم يطبق في اكثرية الحالات لا من قبل المصارف ولا من قبل المرجعيات المختصة. يقول كنج ان المشاكل، في معظمها، بقيت هي هي يعطي كنج مثل طالب اتصل به اليوم كان قد وصل الى مطار كييف في اوكرانيا ليتفاجئ ان الجامعة التي كان يدرس فيها الغت اقامته لانه لم يسدد ثمن القسط. يخبرنا الدكتور كنج ايضاً مشكلة حصلت مع طالب في صربيا، هو يتيم الابوين، كان اهله قد تركوا له مبلغ من المال بالدولار في حسابه في لبنان ليكمل دراسته الا ان المصرف رفض تحويل هذه الاموال اليه فرفع دعوى قضائية في هذا الخصوص. في هذه الفترة كان قد تراكم على الطالب المذكور دين للجامعة وقدره ستة عشر الف يورو، صدر الحكم لصالح الطالب فتحول المبلغ الى الجامعة الا ان المصرف اعطى الطالب المبلغ المتبقي لانهاء اختصاصه بالليرة اللبنانية بخطوة هي الاوقح اطلاقاً>  

Image

بالارقام

وسط هذا الانهيار الكبير يجد المرء نفسه حائرا، خائفا من مستقبل بات مزعزع ومختل. الانهيار يجري بسرعة مخيفة قاطعا بطريقه الارزاق والاعناق غير ابه بشلالات الدموع والدماء ورائه. نالت المدارس الخاصة قسطا وفيرا من الازمات والضيقات هذه المدارس التي كانت يوما شهادة يغتني بها اللبناني اينما حل.

Image

الطلّاب بين فكيّ العجز والفراغ...اهلا بالاكتئاب

لقد أمضوا الكثير من الوقت يحدثوننا عن الانفاق ونهايتها. وأنا لا أقول هذا لأخبركم ان في نهاية النفق ضوء أو حياة جديدة، ليتني أفعل، انما لالفت نظركم الى حقيقة أننا ولدنا وعشنا في النفق المظلم هذا، وأمضينا اعمارنا نركض علّنا نلمح النهاية. ليتني أقل سواداً في حديثي هذا، انّما أي واقع لدينا لنلمّع الكلمات؟ أين بداية النفق لنعرف نهايته؟ إن الظلام يشتد، لقد علّمونا أن لا نرى، انهم يحاولون أن ينسونا كيف نتكلم، كيف نكتب، كيف نكون بشراً. لقد احتفلنا ببداية هذا العام دون ان نعلم أننا سنرجع مئة عام الى الوراء، حرفياً. 

Image

الجامعة اللبنانية: جامعة الأزمات

شكّلت الجامعة اللبنانية منذ تأسيسها في العام 1955، أساس التعليم العالي في لبنان. كان طبيعياً، مع مرور الوقت، ومع توسّعها وتفريعها، أن تتعرض لمختلف أنواع الضغوط السياسية والطائفية، إلى أن تحوّلت، وبحسب أهل الجامعة أنفسهم، إلى ساحة للتوظيف السياسي والطائفي والمذهبي، أي أن صورتها باتت جزءاً من صورة البلد غير الجميلة.

Image

القطاع التعليمي الخاص: صراع من اجل البقاء

كان من الصعب أن أتصور يوماً هكذا عنوان لمثل هذه المقالة، فنظرية صراع البقاء التي أوجدها وأسسها العالم البيولوجي شارلز داروين لم تكن معدة أو مجهزة إطلاقاً ليستهويها شاب من لبنان، ويضفي بثقلها على مقالة صحافية أو ليستخدمها في أدابياته النقدية في الاقتصاد والاجتماع. هذه النظرية البيولوجية كانت مخصصة لأن تبقى محصورة في ميدان علوم "الطبيعة"، الا أن اوضاع البلاد "غير الطبيعية" أرغمتنا على الاستعان بها لوصف الوضع الحالي بقدر بسيط من الشفافية و الوضوح. 

Image
الصفحة 12 من 17