"نعم نحن حزب المصارف" اعترف نائب رئيس البرلمان اللبناني. وهكذا تجلّت المعركة حول أرقام خطة الحكومة الاقتصادية، التي أريد لها ان يكون ظاهرها تقنياً، في جوهرها الحقيقي إلّا وهو الصراع التي تقوده الطبقة الريعية دفاعاً عن مصالحها ودفاعا عن النموذج الاقتصادي القديم الذي بدا وكأن ارقام خطة الحكومة تهددهما. لكن اليوم وعلى الرغم من الانتصار الذي حققه هذا "الحزب" إلّا أن الطبقة الرأسمالية الريعية، ومعها كل الرأسماليين في حالة من التراجع، وتخوض أشرس معركة يائسة للدفاع عن النفس منذ انتصارها الكبير الذي حققته بدءاً من العام 1992. فالنموذج الاقتصادي القديم الذي بني آنذاك مع علاقاته الطبقية ينهار، مع او بدون خطة الحكومة.
لا تزال حكومة "الاختصاصيين"، تتجاهل صرخات الطلاب اللبنانيين في بلاد الاغتراب، وعائلاتهم التي تعالت منذ ثلاثة أشهر مع تفاقم الأزمة النقدية جرّاء السياسات المتبعة في المصارف اللبنانية بعد تعميمات المصرف المركزي، التي ما زالت تحتجز أموال المواطنين، ولا سيما أصحاب الإيداعات الصغيرة منهم. ناهيك عن أزمة سيولة الدولار وارتفاع أسعار الصرف، مما يترك الأهل عاجزين عن إرسال المصاريف لأولادهم.
ها قد مضى حوالي مائة يوم على اندلاع الانتفاضة الشعبية، والسلطة ما زالت تماطل وتتحايل على الناس، غارقة في تحاصصاتها ومعايير نظامها الطائفي. كما مضى ثلاثة أشهر تقريباً على استقالة حكومة سعد الحريري تحت ضغط الشارع، واصلت خلالها الأطراف السلطوية هدر الوقت في تشكيل الحكومة دون طرح لأي برنامج إنقاذي.
58 يوماً على انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول /أكتوبر، زادُها إصرارٌ كبير من شعبٍ ضاق ذرعاً بهذه السلطة السياسية الفاسدة ونظامها الطائفي المتعفّن، لأنّه يستحق الحصول على أبسط حقوقه ألا وهي بناء دولة مدنية وطنية.