الصفحة 2 من 4

يزداد الدور الذي تلعبه جمهورية الصين الشعبية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني في منطقتنا، على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية. وتشكّل هذه التطورات أهمية قصوى بالنسبة إلى الشباب العربي لأنّها تساهم في صياغة مستقبل جديد من العلاقات الدولية والتبادل التجاري والتعاون السياسي بعيداً عن سياسات الهيمنة والاستئثار وخلق الفوضى والحروب والنزاعات التي كانت سائدة حتى اليوم.

يدور النظام في حلقةٍ مفرغة رغم كل المآسي والويلات التي جرّها على لبنان واللبنانيين طوال العقود الماضية. يطلّ علينا هذه المرّة بمشروع تتفق حوله قوى محلية وإقليمية ودولية عنوانه "سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية". يجترّ هذا المشروع حقبة ما بعد اتفاق الطائف التي أتت بتحالف واسع وبرعاية إقليمية ودولية بين زعماء ميليشيات الحرب، ورجل المملكة السعودية في لبنان والمنطقة، والرأسمال المالي والمصرفي، وأجهزة الأمن السورية الحاضرة ميدانياً وسياسياً.

المهمّة الراهنة تقتضي البناء على الكتلة الاجتماعية التي أفرزتها 17 تشرين من أجل تشكيل قطبيّة سياسية تضع في أولوية مهامها الداخلية مشروع كسر هيمنة تحالف رأس المال والأحزاب الطائفية، والسير معاً باتجاه مسار آخر، مسار إنقاذي نطرح فيه تأسيس عقد اجتماعي جديد تحت شعار "نحو دولة ديمقراطية علمانية... نحو بناء الاقتصاد المنتج... نحو العدالة الاجتماعية".

لقد مرّت جريدة النداء بمراحل تاريخية استثنائية ومميزة، حيث كانت صوت الشيوعيين واليساريين وسائر التقدميين اليومي، ومنبر الطبقة العاملة والمقاومة الوطنية والمفكرين والباحثين لمخاطبة الرأي العام اللبناني والعربي عموماً.

 

لا تقوم قوى السلطة إلّا بما هو متوقّع منها. تفرّغ القرارات والقوانين ذات الأثر الإيجابي على انتظام السياسات العامة من مضمونها، تارةً بوقاحة وصلافة وطوراً بالمواربة والتمييع. والصفتان الإثنتان ميزتان يتمتّع بهما أهل الحكم على اختلاف صنوفهم واصطفافاتهم. وقحون ومواربون، نهبوا المال العام وأفسدوا العباد، وأرسوا نظاماً زبائنياً، ورعوا مصالح رأس المال الريعي والمصرفي الذي راكم أرباحاً هائلة على حساب المال العام والخاص، وفي الوقت نفسه إدّعوا تبنّي سياسات إصلاحية تبدأ من الدولة المدنية وإلغاء الطائفيّة السياسيّة ولا تنتهي بقانون انتخابي نسبي في الدائرة الواحدة. يقولون ما يعرفون أنّه مدخل إلى تغييرات تقدميّة في بنية النظام، ويمارسون نهباً منظّماً وإفساداً قلّ نظيره، وتبعيةً لمشغّلين وداعمين إقليميين ودوليين.

في الوقت الذي يتحضّر فيه الكيان الصهيوني الغاصب لتوسيع نطاق احتلاله وسيطرته ليشمل مناطق غور الأردن والضفة الغربية، والتي يريد أن يضعها تحت سيطرته الكاملة، بعد أن كان يحكم عليها سيطرةً سياسية واقتصادية وأمنية غير مباشرة، يتنطّح البعض في لبنان، وكان في مقدّمتهم البطريرك بشارة الراعي، إلى إطلاق نداءٍ لحياد لبنان واللبنانيين عن صراعات المنطقة والعالم وبدأ على إثره عدد من القوى السياسية بتبنّي النداء نفسه، ليشكّل موقف الحياد هذا انحيازاً لا غبار عليه لمصلحة المعتدين المحتلّين، حيث طالما كان الحياد في الصراع بين الغاصب والمظلوم، وبين المستأثر والمنتهَك، انحيازاً جباناً لمصلحة الغاصبين المستأثرين.

الصفحة 2 من 4