لبنان على الضفة الخاطئة من التاريخ

المهمّة الراهنة تقتضي البناء على الكتلة الاجتماعية التي أفرزتها 17 تشرين من أجل تشكيل قطبيّة سياسية تضع في أولوية مهامها الداخلية مشروع كسر هيمنة تحالف رأس المال والأحزاب الطائفية، والسير معاً باتجاه مسار آخر، مسار إنقاذي نطرح فيه تأسيس عقد اجتماعي جديد تحت شعار "نحو دولة ديمقراطية علمانية... نحو بناء الاقتصاد المنتج... نحو العدالة الاجتماعية".

ثمانية وتسعون عاماً مرّت على تأسيس الحزب الشيوعي اللبناني، هذا الحزب العظيم الذي عمره من عمر الوطن. يدخل الحزب عامه الثاني قبل المائة، وهو لا يزال مستمراً في مسيرته النضالية والكفاحية، محافظاً على مبادئه وأهدافه، وعاملاً بين الناس ومعهم.
وقد استطاع هذا الحزب أن يستمرّ رغم كلّ الصعاب التي واجهته في مسيرته، من القمع والاعتقال وصولاً إلى الاغتيال، ومن التخوين والتكفير، ومن غدر الأعداء وكيد الأصدقاء، ومن انهيار المنظومة الاشتراكية ومن ثمّ الإقصاء الممنهج له في اتفاق الطائف وبعده، وصولاً إلى تفكيك الحركة النقابية ومحاصرتها، تحت هدف واحد وهو وأد هذا الحزب المزعج دوماً لقوى الاستغلال والإفقار وللقوى الطائفية والمذهبية والانعزالية. لكنّ هذا الحزب ظلّ يقول لكلّ هؤلاء وفي كلّ مناسبة: إنّ كل الأخبار التي تتحدث عن وفاتي فهي غير صحيحة.
عاش هذا الحزب لأنّه أخذ الموقف المناسب على صعوبته في كلّ مرحلة تاريخية مرّ بها هذا البلد، بدءاً من النضال من أجل استقلال لبنان من الانتداب الفرنسي، وتأسيس أولى النقابات العمالية تحت سطوته، والعمل السري طوال هذه الفترة، ومن ثمّ التصدي للعصابات الصهيونية في الجنوب منذ أربعينيات القرن الماضي، وصولاً إلى الوقوف إلى جانب الثورة الفلسطينية، وبناء الحركة العمالية والطلابية في لبنان في السبعينيات، ومن بعدها إطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية عام 1982، وخوض النضال السياسي ضد أرباب اتفاق الطائف الذي رعاه التفاهم الأميركي السوري السعودي في حينه.
واستمرّ الحزب في موقعه الدائم، في مواجهة الإفساد والمفسدين، والنهب والناهبين، والاستغلال والمستغلين، والطائفية والطائفيين. ناضل مع العمال والمعلمين والطلاب، وتظاهر ضد التدخلات الخارجية، ونظم التحركات الشعبية وصولاً إلى انغماسه الكامل في انتفاضة 17 تشرين إلى جانب شباب لبنان وشاباته وفئاته التقدمية والعلمانية، وطبقاته المنتفضة على سرقة العصر التي قام بها تحالف المصارف وقوى السلطة على أنواعها. لم يأبه الحزب للأثمان الكبيرة التي تكبّدها ثمناً لمواقفه، بل كان هذا الموقف هو السلاح الذي حمى الحزب وأعطاه ثقته وحضوره بين فئات واسعة من الناس. هكذا كان الحزب دوماً على الضفّة المشرقة من التاريخ، في صفّ قوى التقدم والتحرّر والعدالة، فيما وقف لبنان الرسمي دوماً الضفّة المقابلة.
على المستوى الدوليّ، يقف العالم اليوم على مفترق طرق مصيري، حيث يعيش مخاض الانتقال الأليم من مرحلة الأحادية القطبية بزعامة الولايات المتحدة إلى عالم متعدد الأقطاب. وفي هذا الإطار، تشكّل الحرب في أوكرانيا محطة صدام قاسية بين روسيا وقوى حلف شمال الأطلسي - الناتو، ولعلّ نتائجها ستسهم بشكل أو بآخر بإعادة رسم خريطة توازن القوى في العالم.
وعلى الرغم من مقاربتنا النقدية لطبيعة النظام الحاكم في روسيا، ومشاركتنا الحزب الشيوعي الروسي في رؤيته وفي نقده لسياسات النظام، وسطوة الشركات الرأسمالية والأوليغارشيّة الروسية في الداخل، إلّا أنّنا نرى أن السياسات التوسعية للناتو في شرقي أوروبا وصولاً إلى فضاء الاتحاد السوفياتي السابق ومحاولة ضمّ أوكرانيا إليه بعد وصول قوى اليمين العنصري والفاشي إلى الحكم فيها، وما يشكّله ذلك من تهديد للأمن القومي الروسي، يشكّل اعتداءً مباشراً على أمن واستقرار روسيا. الناتو هو الذراع العسكرية للإمبريالية التي تريد اليوم كسر روسيا، والتفرّغ لمواجهة الصين، وبالتالي وأد أي محاولة لنهوض مشروع عالميّ منافس لها، مهما كان شكله رأسمالياً أو اشتراكياً، كي تؤبّد سيطرتها على العالم، مهما كانت الأثمان. ولا شكّ أنّ محاولة كسر روسيا وهزيمتها اليوم ستعيد التاريخ 3 عقود إلى الوراء، إن نجحت، وتعطي الأميركيين سطوة متجددة على خصومهم كما على حلفائهم الذين كانوا يحاولون رسم بعض الاستقلالية للخروج من عباءة العم سام. وبذلك تأخذ الحرب بعداً مصيرياً لتوازن القوى في العالم، ومن مصلحتنا ومصلحة شعوب العالم كافة ألّا يخرج الأميركيون بانتصارات سياسية أو عسكرية فيها على الإطلاق.
كما أنّ لهذه الحرب مخاطرها على استقرار كافة فضاء دول الاتحاد السوفياتي السابق، لناحية استنهاض العصبيات القومية والمذهبية إلى حدها الأقصى مع استحضار العداء بين الشعبين الروسي والأوكراني، وهما الأكثر عدداً والأعرق تاريخاً في المنطقة كلها، وبين القوميات الأخرى كما يحصل في أرمينيا وأذربيجان، وبين الكاثوليك والأرثوذكس، مع ما سيتركه ذلك من تداعيات عميقة ستبقى لعدة عقود قادمة إذا ما طالت الحرب، فتتحول إلى بلقان جديد او شرق أوسط جديد، مع كل ما نعانيه من صراعات هوياتيّة مؤلمة تدمر منطقتنا وتفتّتها.
إنّ الاستراتيجية الأميركية الراهنة هي افتعال الحروب والصراعات المحلية والإقليمية لإغراق الخصوم بوحول الحرب وخسائرها السياسية والاقتصادية، لذلك صارت اليوم تخوض الحروب بالوكالة، فلا تتحمّل الخسائر المباشرة إن حصلت، وتحصد المكتسبات المتأتيّة من إضعاف وتشتّت الخصم والحليف معاً. ولا شكّ أن هذه الحرب، مع ما تحمله من خسائر بشرية ومادية كبيرة على شعبي الدولتين، تحمل معها أزمات خانقة وموجات من التضخّم وانقطاع المواد الحيوية على صعيد العالم كله، مع كل الانعكاسات السلبية المرتبطة بهذا الواقع.
لكلّ تلك الأسباب، لا مناص اليوم من التأكيد على أهمية هزيمة حلف الناتو ووقف تمدّده وإنهاء حالة الحرب والوصول إلى حل سياسي متفق عليه بين الدولتين بعيداً عن تدخلات الخارج، حلّ يؤمّن حيادية أوكرانيا وابتعادها عن الناتو، وضمان أمن الدولتين والشعبين، وحقهم بتقرير مصيرهم الآمن والمستقرّ.
أما الموقف الرسمي اللبناني من هذه الحرب، فمخزٍ ومنحاز إلى الضفة الخاطئة من التاريخ على عادته، إذ صوّت لبنان لصالح إدانة روسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد طلب أميركي في اتصال بين الرئيس بايدن والرئيس عون، وهكذا كان. فلا الممانع مانع طلب الرئيس بايدن، ولا النائي بنفسه نأى بها، ولا الحيادي حاد عن الاصطفاف ولا السيادي تأثّر بالتلبية اللحظية لطلبات الخط الساخن. كان على مندوب لبنان أن يمتنع عن التصويت في قضية خلافية حادة كهذه، لا أن تكون قيادة الدولة بيدقاً بيد الأميركيين.
وفي القارة الأميركية اللاتينية، يترقّب العالم مآل الانتخابات الرئاسية في البرازيل في 30 تشرين الأوّل، مع الآفاق التقدمية التي يمكن أن يحملها معه انتصار مرشح حزب العمّال والرئيس السابق لولا دا سيلفا، وعودة اليسار إلى الحكم في أكبر دولة أميركية لاتينية، مساحةً واقتصاداً وسكاناً، ودورها الهام في المتغيرات العالمية وآفاق التحالفات التي يمكن أن تفضي فعلياً إلى إنهاء عصر الهيمنة الأحادية، وإعطاء جرعة قويّة للقوى الاشتراكية والتقدمية في القارة والعالم.
ولعلّ أهمّ ما حصل في منطقتنا كان تجدّد روح وعزيمة المقاومة الفلسطينية التي أحياها هذا الشعب الفلسطيني الجبّار، المواجه يومياً للاحتلال، على امتداد فلسطين التاريخية. فكلّما ظنّ العدو أنه استطاع، إلى جانب بعض أنظمة المنطقة، ترويض فصائل المقاومة الفلسطينية، هبّ بوجهه الشباب الثائر، بسلاحه الفردي، وبمبادرات فرديّة أحياناً، ليوجهوا له الضربة تلو الآخر تأكيداً على استمرار المقاومة الفلسطينية حتى التحرير الكامل لهذا الوطن الحبيب. أبطال فلسطين الشجعان يواجهون الاحتلال في الضفة وغزة والقدس كما في أراضي 48 بكلّ عزّة وعنفوان، فيصنعون بقبضاتهم بوصلة التاريخ. التحيّة لهؤلاء الأبطال ولكل مقاومي فلسطين ووطنييها، وللأسرى في سجون الاحتلال وفي طليعتهم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، وكل قادة الفصائل في الأسر. والتحيّة، كلّ التحية لعدي التميمي، الشهيد البطل الذي لاحق هو جنود الاحتلال بدل أن يلاحقوه هم، وطاردهم بدل ان يطاردوه، حتى الرمق الأخير قبل أيام قليلة. هذه هي صورة فلسطين، وهؤلاء هم أبطالها، وعلى أيديهم ستتحّرر فلسطين كل فلسطين.
وفي حين تعيش منطقتنا حالة من الاحتقان الشعبي الكامن في ظل ازدياد ظروف الفقر والتهميش على امتداد دول منطقتنا، وما يرافقها من سياسات أمنية وقمعية في مواجهة مطالب الحركة الشعبية فيها، تشهد إيران مواجهة واسعة ومحقّة من قبل شعبها وبخاصة نسائها، ضد القمع الرسمي، وإصرار النظام على إجبار النساء على ارتداء الحجاب بالقوّة تحت طائلة السجن، وصولاً إلى سقوط ما يقارب مائة قتيل وآلاف المعتقلين بعد التظاهرات الأخيرة. ولعلّ مسألة الحريات العامة والفرديّة، في إيران كما في أي دولة أخرى، صارت ترتدي أهميّة لا تستطيع قوى الماضي أن تقف في وجهها، فالناس أحرار في حيواتهم وفي ملبسهم ومأكلهم وفي آرائهم ومعتقداتهم، والنساء حرّات أن يرتدين الحجاب في فرنسا وأن تخلعنه في إيران أو السعودية أو غيرها، بعيداً عن ذهنيّة التحريم والتجريم في كلّ ما يطال حريات الناس الفردية.
أمّا الموضوع الأخطر الذي يجب التوقّف عنده فهو اتفاق الترسيم الذي جرى توقيعه مؤخراً مع العدو الصهيوني. فبعد انتهاء التفاوض على الشكل الذي انتهى إليه، صار جلياً أنّ اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي والمفاوضات التي سبقتها، اعترتها ثغرات سياسية وسيادية وقانونية فادحة، أهمها:
• كان على لبنان في البداية أن يصرّ على أن تلعب أية دولة محايدة دور الوسيط في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والكيان الصهيوني، تبعاً لجميع المقاييس الوطنية والسياسية والإنسانية، بدلاً من أن يكون الوسيط هو الدولة الأولى الداعمة لإسرائيل، أي الولايات المتحدة الاميركية. إن هذا الأمر لا يجب أن يُعتبر شكلياً وإنما له تأثير على مضمون الاتفاق كما وصل إليه.
• كان بالإمكان، ضمن توازن القوى الحالي، إقرار الخط 29 وإرساله إلى الأمم المتحدة وربط النزاع على حقل كاريش وبدء المفاوضات من هذه النقطة تحديداً. هذا كان سيضمن للبنان القدر الأكبر من حقوقه مستغلاً الظروف الدولية، لأن تداعيات حرب أوكرانيا وأسواق النفط والغاز هي لمصلحة لبنان من حيث الاستفادة من الضغط الأميركي الأوروبي على العدو.
• إنّ القبول أساساً بالوسيط عاموس هوكستين، الذي خدم في جيش الاحتلال بين العامين 92 و94، هو فعل تطبيع سياسي مدان.
• الاتفاقية حول الحدود البحرية تضمن حصة للعدو من حقل قانا وليس "تعويضاً من شركة توتال من أرباحها" كما تدعي القوى الحاكمة، وهذا ما يحمل في طياته شكلاً من أشكال التطبيع الإقتصادي غير المباشر عبر شركة "توتال"، إذ أن أرباحها التي ستحولها إلى الكيان الصهيوني لن تأتي من أرباحها العادية التشغيلية وإنما من ريع حقل قانا.
• لقد حصل العدو على حقل غازي مضمون ستبدأ عائداته بعد أسابيع، فيما حصل لبنان على احتمال وجود غاز، كسمك في البحر، وإن وجد بكميات تجارية فالعائدات بعد سنوات طويلة، مع حصة للاحتلال منها.
• إنّ طريقة "إخراج" الاتفاقية كأنها انتصار مدانةٌ بحدّ ذاتها، لأنها فعلياً، كما تؤكد ملاحظاتنا عليها، هي عكس ذلك.
• لقد نصّت الاتفاقية صراحة على أن تحظى الشركات المنقبة بموافقة راعي الاتفاق، أي الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يعطيها اليد الطولى في إدارة ملف الغاز على امتداد الشاطئ الشرقي للمتوسط، وهو ما يشكل امتيازاً للأميركيين وامتداداً لنفوذهم في المنطقة، ليقف لبنان مرةً جديدة على الضفة الخاطئة من التاريخ.
• إنّ استعمال المنظومة الحاكمة للأزمة الاقتصادية كمبرر لتقديم التنازلات التي حصلت من الجانب اللبناني ما هو إلّا تضليل سياسي كبير. إذ أن معضلة لبنان الاقتصادية بحاجة إلى إجراءات داخلية سريعة لحل الأزمة، التي تركتها القوى الحاكمة تراوح مكانها لأكثر من ثلاث سنوات، بينما عائدات النفط والغاز المفترضة لا تزال بعيدة وخارج الإطار الزمني لحل الأزمة.
• إن استفادة لبنان اقتصادياً من أية عائدات محتملة مرهونة بتغيير سياسي واقتصادي كبيرين، ينهيان النموذج الاقتصادي البائد ويؤسسان لنموذج اقتصادي منتج وجديد، تقوم به القوى المتقدمة في المجتمع وليس القوى الطائفية التحاصصية التي تحكم حالياً. وإلّا فإن هذه القوى ستبدد الثروة النفطية في تحاصصها وصراعاتها ونموذجها الاستهلاكي الريعي، كما بددت الودائع والأجور والقوّة الشرائيّة وجنى عمر اللبنانيين.

إن كلّ المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تواصل راهناً – وللسنة الثالثة على التوالي تراجعها الانحداري وسط تواطؤ الحكام وإنكارهم وتنصّلهم من مسؤولية الزلزال الذي ضرب البلد ولا يزال. ويُقرأ هذا التدهور بوضوح فظيع من خلال معدلات النمو الاقتصادي السلبية، ومعدلات البطالة والتضخم النارية وأسعار صرف الليرة وتبخّر القوة الشرائية للأجور والمداخيل، وانهيار نظم التأمينات الصحية العامة وصناديق التقاعد والحماية الاجتماعية.
ومن المؤشرات الخطيرة، وصول الناتج المحلي إلى ربع ما كان عليه سابقاً، و"دولرة" حركة الاستهلاك، مع استثناء قوة العمل. لقد تجاوز معدل الفقر في بلدنا 80% من المقيمين وخسرت فيه الأجور أكثر من 90% من قوتها الشرائية، ويهاجر الشباب والشابات بشكل متسارع، ما يؤدي إلى ضرب بنية العائلات اللبنانية وتشتيتها بما يشبه اللجوء الجماعي الكبير إلى أصقاع العالم.
وسط كل هذه المآسي الاجتماعية، لا يقوم الممسكون بالحكم بأية خطوة جدية للمعالجة، وفي طليعتها إعادة هيكلة القطاع المصرفي بشكل طارئ، وإجبار مالكيها على ضخّ الأموال فيها، تحت طائلة خروج المتعثّرين من السوق نهائياً. لا يقومون بذلك لأن لأصحاب المصارف وكبار المودعين وجود مهيمن داخل الحكم ومؤسساته وأحزابه، حتى تكاد قيادة الدولة أن تكون كلّها أداة عند طيّعة عندهم، فتدفع الفئات الفقيرة والمتوسطة أعباء الانهيار المؤلم.
وعلى وضع هذه المشكلات كلّها، وانفجار أزمة النظام يأتي الاستحقاق الرئاسي الذي تخوضه قوى السلطة على سير عاداتها القديمة إذ تلجأ إلى التعطيل وجرّ البلاد إلى الفراغ، واختلاق مشكلات دستورية حول الصلاحيات، واستنفار العصبيّات المتبادلة، تمهيداً لتحضير الأجواء نحو تسويات ترقيعية إقليمية - دولية، ولعلّ ما جرى في العراق فيه إشارة للمقبل في لبنان.
في مواجهة هذا التأزّم الخانق، تتطلّب المهمّة الآنية إعطاء مضمون وطني وسياسي واجتماعي وطبقي للمواجهة، وطرح البديل السياسي بالتزامن والتكامل مع التقدّم في مبادرات تجميع القوى وبناء قطبية معارضة لاطائفية، قادرة على المواجهة من داخل المجلس ومن خارجه، وتشكّل بديلاً مقنعاً لشباب وشابات لبنان عن القوى الحاكمة الحالية.
المهمّة الراهنة تقتضي البناء على الكتلة الاجتماعية التي أفرزتها 17 تشرين من أجل تشكيل قطبيّة سياسية تضع في أولوية مهامها الداخلية مشروع كسر هيمنة تحالف رأس المال والأحزاب الطائفية، والسير معاً باتجاه مسار آخر، مسار إنقاذي نطرح فيه تأسيس عقد اجتماعي جديد تحت شعار "نحو دولة ديمقراطية علمانية... نحو بناء الاقتصاد المنتج... نحو العدالة الاجتماعية".

  • العدد رقم: 409
`


عمر الديب