بين الجد واللعب

الشعب في لبنان قال كلمته.. آلمتمونا بسرقاتكم لن نرضى أن تؤلمونا بإصلاحكم
تعاني قوى السلطة الفاسدة في لبنان هذه الأيام من نتائج عملها على مدى سنوات حكمها الممتدة منذ العام 1992، فمن جهة هناك ضغط دولي جدي عليها من أجل تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة، ومن جهة أخرى هناك ضغط شعبي رافض لأي محاولة لتحميل ذوي الدخل المحدود فاتورة فساد هذه القوى، وبين هذين الضغطين لا تزال قوى السلطة متمسكة بـ "حقوقها المكتسبة" في نهب الدولة ولقمة عيش المواطنين.

بدءاً من تظاهرة الحزب الشيوعي في الأول من أيار إلى الاعتصامات المتنقلة للعسكريين المتقاعدين مدعومين بستة جنرالات (من أحزاب التيار الوطني والقوات اللبنانية وحزب الله) باتوا نوّاباً في المجلس الحالي، إلى إضرابات مفتوحة لموظفي المرفأ ومصرف لبنان والمعلمين في القطاعين الرسمي والخاص، انكبّ مجلس الوزراء على مناقشة الموازنة في ظل ضغط من المصارف لرفضهم تحمل أي جزء من فاتورة تخفيض العجز.

في هذه الصورة أطل رئيس الحكومة سعد الحريري على الناس بتصريح يؤكد أن الموازنة ستكون "مؤلمة" من دون أن يحدد من سيكون المتألم الفعلي. لقد قالت الناس كلمتها وهي باختصار: لقد آلمتمونا بسرقاتكم غير المتناهية على مدى يقارب الثلاثة عقود فلن نرضى أن تؤلمونا بمعالجات تحفظ سرقاتكم وتزيد ألمنا. الشارع جاهز ولن يرحم هذه المرة.

******
من غزة إلى الخرطوم والجزائر، مقاومة المحتل تتكامل مع مقاومة الفساد والعسكرة
عشية بدء شهر الصوم عند المسلمين واجه أهالي غزة هجوماً إسرائيليّاً ناريّاً أودى بحياة العشرات من أبناء القطاع المحاصر، ولكن رد المقاومة كان سريعاً ودقيقاً وغزيراً أسقط ستة قتلى "إسرائيليين" وعدد من الجرحى وأبقى بعض الوزراء في ملاجئ الكيان طوال فترة العدوان.

انتهى العدوان بوساطة مصرية وبطلب من رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو تماماً كما العدوان السابق، وخرجت صحيفة هآريتس بمقالة تعتبر فيها ما حصل كارثة لـ"إسرائيل" بكل المقاييس فقد كانت كلفة كل صاروخ من القبة الحديدية بكلفة 200 ألف دولار تطلق لإسقاط صاروخ فلسطيني قصير المدى لا تتجاوز كلفته ألفي دولار، ناهيك عن العجز الذي تجلّى لدى المؤسسة العسكرية "الإسرائيلية" في تدمير مرابض الصواريخ.

مجدّداً سطّر شعب فلسطين صفحةً مجيدةً في المقاومة تماماً كما كان شعب السودان يفرض شروطه على المجلس العسكري في تقصير مدة المرحلة الانتقالية إلى الحكم المدني وإشراك المدنيين بعدد وازن في السلطة الانتقالية وتماماً كما فرض الشعب الجزائري على المؤسسة العسكرية التي تتولى الدولة العميقة إطلاق حملة محاربة الفساد التي أدت إلى توقيف قائدي سابقين للمخابرات إضافة الى شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بتهم فساد. إننا على أبواب ربيع عربي جدي تتكامل فيه المقاومة ضد الاحتلال مع المقاومة للعسكرة والفساد.

******
التهديدات الأمريكية و"الإسرائيلية" في منطقتنا طبولٌ فارغة
صعّدت الولايات المتحدة الامريكية مؤخّراً لغة التهديد والوعيد ضد إيران وحلفائها في المنطقة، وأعقبت ذلك بإرسال واحدة من حاملات طائراتها إلى البحر الأبيض المتوسط، بعد تشديد الحصار الاقتصادي عليها بهدف الوصول إلى صفر تصدير للنفط عبر إلغاء كل الإعفاءات التي كانت قد أعلنتها قبل ستة أشهر لبعض الدول المستوردة للنفط الإيراني.

وقد ترافق التصعيد الأمريكي ضد إيران مع تصعيد عسكري "إسرائيلي" ضد غزة من جهة وتصعيد إعلامي "إسرائيلي" ضد حزب الله من جهة أخرى، مع تشديد الضغط الأمريكي على لبنان من أجل محاصرة حزب الله ماليّاً واقتصاديّاً، وانطلقت أقلام ما يسمى بالمحلّلين الاستراتيجيين لتساهم في حفلة التهويل الأمريكية "الإسرائيلية" لتلعب دورها في الحرب النفسية ضد جمهور المقاومة في المنطقة.
إن المتابعة المتأنية للتطورات على الأرض تظهر أن واشنطن عاجزة عن الإطاحة بالقائد البوليفاري نيكولاس مادورو عبر محاولة انقلاب دستوري قبل شهرين ومحاولة انقلاب عسكري الأسبوع الفائت، كما هي عاجزة عن شن حرب على الجارة الجنوبية لها، إضافة إلى عجز حليفتها "إسرائيل" عن تحقيق نصر على غزة المحاصرة، حيث يظهر ما يشبه المؤكد أنها عاجزة عن إشعال حرب في أي من بلدان منطقتنا، وأن كل سلوكها وتصريحات مسؤوليها وحلفائها ما هي إلّا أصوات طبول فارغة.
******
لتعليقاتكم على البريد الالكتروني: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.