في جذور البحثّ عن الطاغية

من يرتكب الظلم يصبح يوما ما اتعس من المظلوم.

أفلاطون

 

قدر الإنسان أن يعيش الظلم، ويتحمل أوزاره ويكابد اعناء هذه الحياة مهما صعبت، لكن من غير المقبول ان يصمت ويتحمل إلى ما لا نهاية اسباب الظلم وتداعياته بل عليه مواجهته بكل الوسائل المتاحة، أما التي يعتقد أنها مستعصية فعليه أن يبتكرها ويستحدثها كما عليه أن يستمدها من تجربة الذين ناضلوا من قبل ونجحوا وغيفارا كان يردد أن الذي لا يزال يعتقد أن الثورة ليست معدة لكي تنجح هو غبي كبير !..

أضف إلى كل ذلك ما قاله الكاتب المجدد والثوروي إذا صح التعبير ، محمد الماغوط:

الطغاة كما الأرقام القياسية لا بد أن يأتي يوم وتتحطم..

لا يجب أن ننسى أن معظم الشعوب التي خسرت عبر التاريخ هي تلك الشعوب المعلبة المتطوية على ذاتها، شعوب تمسكت بماضيها الوهمي المختلق والذي زيفه المستعمر  ، كما رفضت التغيير على قواعد علمية، منطقية، قابلة لإعادة النظر فيها وليست قدس اقداس منزلة ممنوع المس بها، قوانين منطقية تراعي حقوق الإنسان على قاعدة العلم والعقلانية، تبعد الدين عن الحياة المدنية ومفهوم المواطنة مع احترام خصوصية العقائد وحرية المعتقد.

لم يكن ابن خلدون سوى رائيا عظيما حين قال:

الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها، وكلما طال تهميش انسانها يصبح كالبهيمة، لا يهمه سوى اللقمة والغريزة.

ما نعيشه اليوم هو تماما كما قال ابن خلدون. شعوب تعامت حتى تقوضت كل ركائز المجتمع التي عليها نعول للنهوض، شعوب تعامت حتى صار أوار نيران الحرائق غير منظور، في مدى الوجود المحترق بنار الجهل و الانحدار..

شعوب أسلمت قيادها إلى الخرافة والشعوذة ، أخذت من التافه والنافق والبائد والبليد من الدين والمعرفة والقوانين والأخلاق والعادات والتقاليد، أخذت المساوئ ثم أتلفت المحاسن ، أبعدت المفكر و قربت المنافق الطماع المعتوه المصاب بالفصام وهستيريا الانتقام. ولكن أين المواجهة وما العمل?

يقول محمد إقبال:

فإلى متى صمتي وحولي أمة

يلهو بها السلطان والدرويش

هذا بسبحته وذاك بسيفه

وكلاهما مما تكدّ يعيش..

سوئل بيلاطس من قبل معشر اليهود :

أمن الحق أن يدعي هذا المدعو يسوع أنه إبن الله!?

فأدار بيلاطس وجهه وقال:

وما هو الحق!?..

فدعونا لا نتحول إلى بيلاطس أو بالأحرى إلى أشباه بيلاطس وقيافا وحنان والحجاج وأبي جهل وهولاكو وغيرهم، من نماذج مبتكرة ويقتصر تاريخ العالم في المستقبل على لعبة حبّار  squid game ، وحسب فتكتب مأساة الإنسان بأحرف بيلاطسية على ألحان اورفيوس وملهاة سمجة من عصر الظلام!.