فهؤلاء يساندون تهويد القدس وتشجيع القضم اليومي لأرض فلسطين المحتلة. هم الضاغطون للتطبيع بين حكومات عربية والعدو الصهيوني، يحضّرون لصفقة القرن، وتصفية قضية العرب الأولى فلسطين. وهم وراء افتعال النزاعات وتأجيج الحروب المحلية لنشر الفوضى والدمار والمآسي على يد التنظيمات الإرهابية في المنطقة العربية. وهم رموز الحرب على فنزويلا وشعوب أميركا اللاتينية، ليس من أجل الديمقراطية كما يزعمون، ولا لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للناس، بل لضرب المنحى الوطني الاستقلالي وفرض السيطرة والتبعية من جديد على البلدان التي لا تسير في ركاب المخطط الأميركي، بل تتناقض معه.
إن السياسة الأميركية ومجيء بومبيو بعد تدفق الموفدين، وقبل زيارة الرئيس ميشال عون إلى موسكو، ليس للنزهة ولا من فعل الصدفة. ومن أهدافها الأساسية الضغط لإبقاء النازحين السوريين طويلاً على أرض لبنان غير آبهين بمصالح اللبنانيين وقدرة لبنان على الاحتمال، كما التضييق على المقاومة التي تقلق العدو الصهيوني، دون قبول أميركا امتلاك الجيش اللبناني سلاحاً قادراً على منع استباحة الكيان الصهيوني سماء لبنان.
وهذا العدو الأميركي بمخططه العدائي نفسه، يواصل استخدام كل أشكال التدخل في فنزويلا، لإسقاط نهجها البوليفاري التحرري، الذي أرسى أسسه الرئيس الراحل هوغو تشافيز، ويواصله الرئيس الشرعي نيكولاس مادورو، لتعيين صنيعتهم خوان غوايدو رئيساً بديلاً بدعم مباشر من الولايات المتحدة وأتباعها وأدواتها، خارج فنزويلا وداخلها. فبعد فشل غرضهم من الحرب الاقتصادية المستمرة منذ سنوات، ومعها العقوبات المتزايدة، رغم ما أحدثته من صعوبات اقتصادية وخلل في المعالجة، لم تنجح واشنطن أيضاً، في استخدام غطاء أو ذريعة لتدخلها عسكرياً ضد فنزويلا. فمجموعة "ليما" وهي 14 دولة من أصل 32 في منظمة الدول الأميركية، رغم اعترافها بغوايدو للرئاسة، لم توافق على غزو عسكري لهذا البلد الأميركي اللاتيني، وكذلك كان موقف الدول الأوروبية. وقد فشلت محاولات تدخل واشنطن من باب استخدام "المساعدات الإنسانية"، وافتعال ضجة إعلامية مُضخّمة عن الجوع في فنزويلا، الذي إذا وُجد شيءٌ منه، فهو نتاج الحرب الأميركية الاقتصادية، والعقوبات التي من بينها تجميد ومصادرة عشرات مليارات الدولارات، لفنزويلا من أثمان البترول في الولايات المتحدة وغيرها. ولم تستطع الولايات المتحدة تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي، يجعل باب التدخل الخارجي في الشؤون الفنزويلية مفتوحاً، فكان سقوطه بالفيتو الروسي والصيني معاً.
لكن كل ذلك لم يثنِ الامبريالية الأميركية عن هجمتها الشرسة على فنزويلا، التي تطمع احتكاراتها الرأسمالية بنهب ثروات فنزويلا الضخمة من بترول وغاز وذهب ومعادن ثمينة، والتي تخشى نهوض التيار التحرري اليساري لدى شعوب القارة اللاتينية. فلجأت حالياً إلى التركيز على التخريب الأكثر ضرراً للشعب والبلاد لخلق اليأس في نفوس الناس. فجرى الإقدام على تخريب نظام التحكّم الآلي لإنتاج الكهرباء. وطال انقطاع التيار 80% من مساحة فنزويلا. وترافق ذلك مع الإعلان عن سحب ما تبقّى من الطاقم الديبلوماسي الأميركي نظراً لخطورة الأزمة، كما جاء في الأسباب، علماً بأن سلطة مادورو طلبت منهم قبلاً مغادرة فنزويلا.
ووفقاً للمصدر الأميركي فإنهم سيستمرون في مهماتهم بدعم الشعب الفنزويلي وتطلباته الديمقراطية من مكانٍ آخر. وما أن أعلنت الحكومة عودة التيار الكهربائي بالكامل، بعد جهود استثنائية طيلة أيام، حتى حدث عمل تخريبي آخر بإحراق خزانات للبترول في إحدى المناطق الفنزويلية.
لذلك، فإن تدخلات واشنطن وعملائها ومرتزقتها، لم ولن تتوقف. ويمكن أن تحدث أعمال تخريبية وإجرامية جديدة، قبل أن يصل هذا المقال إلى القراء.
ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن فشل كل هذه المحاولات، واتضاح الدور العدائي الأميركي المكشوف، لدى نسبة عالية من الشعب الفنزويلي، قد زاد من ضعف قوى المعارضة بين الناس. وبرز ذلك في تراجع التجاوب مع دعوات خوان غوايدو إلى التظاهر لدعمه ضد سلطة مادورو، وفي تململ داخل أطراف المعارضة نفسها. فمعظم الشعب الفنزويلي وجيشه البوليفاري المتماسك، يرفض جرّ فنزويلا إلى الفوضى والاضطراب، والتدخل الأميركي، ويتمسك بالمكاسب الوطنية والاجتماعية المُحقّقة وبحمايتها وتطويرها.
إن المعالجة المُجدِية للأزمة القائمة، هي في اعتماد الحوار سبيلاً للحل.
وتبقى الحملات التضامنية مع فنزويلا ونصرة فلسطين مهمةً مستمرة ضد العدو المشترك، ودعماً لحق كل شعب في تقرير مصيره واختيار طريق تطوره.