وبعد أيام كانت لهم غزّة العون والدعم، فانطلقت صواريخ مقاومتها دفاعاً عن أهل القدس. وحينما صبّ العدو حقده وإجرامه على غزّة، انتفضت القدس والمدن العربية المحتلّة منذ عام 48 مثل حيفا ويافا وعكا واللدّ والناصرة، وكذلك الضفّة الغربية لتشكّل ضغطاً ميدانياً يومياً على الاحتلال، فردّت الجميل لغزة وناصرتها بمقاومتها المدنية وبانتفاضتها الشعبية.
وفي كلّ هذه المرحلة التي جسّدت وحدة نضال الشعب الفلسطيني، كانت رايات فلسطين ترتفع في مدن العالم، لتعكس حالة تضامن أمميّ واسع قادته قوى شيوعية ويسارية وتقدمية وجاليات عربية وفلسطينية. مدن الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا وكندا والهند وغيرها غصّت بالمحتجّين المتضامنين. الشعوب العربية تحرّكت، من المغرب العربي وصولاً إلى الكويت في الخليج مروراً بلبنان والأردن والجولان السوري. نواب وقادة أحزاب وشخصيات عامة حول العالم رفعوا الصوت ضدّ الاحتلال، والشعوب استعملت ما تيسّر لها من وسائل التواصل الاجتماعي، رغم الانحياز الفاضح لهذه المنصّات وإسكات عشرات آلاف الحسابات، لكنّ صوت التضامن ظلّ أقوى.
أميركا، الداعم والشريك للكيان الغاصب، شهدت تمرّداً من داخل الحزب الديمقراطي على سياسات الرئيس بايدن الداعمة للصهيونية، وهو قال في اتصاله الأخير مع نتنياهو أنّ "الحرب يجب أن تتوقف لأن الضغط الداخلي ضدّ الحرب صار كبيراً"، بحسب صحف عالميّة، وهو ما يشير إلى مأزق الحركة الصهيونية وراعيها الأميركي في مواجهة الشعوب.
كثيرة هي أسلحة المقاومة الفلسطينية، ومعها يأتي الدعم المادي والسياسي من قبل العديد من الأنظمة والقوى الإقليمية، لكنّ سلاح التضامن الأممي والشعبي هو أيضاً سلاح مؤثّر وموجع، ولليسار فيه أثرٌ فعّال ووازن وقد لعب في هذه المعركة دوراً لا يستهان به ويُبنى عليه لتعزيز تأثير الحركة التقدميّة واليسارية في مواجهة الامبريالية وحروبها والصهيونية واحتلالها.