حلّل ماركس طبيعة الرأسمالية كمرحلة تاريخية تستند على استغلال العمل المأجور ونهب فائض القيمة لتحقيق الربح، ووضع نظريات علمية في مجلد رأس المال حيث حلّل فيه هذه الآليات، ودعا في الوقت نفسه إلى تخطّي الرأسمالية نحو الاشتراكية التي ينتفي فيها مفهوم الاستغلال الطبقي والملكية الفردية لوسائل الإنتاج.
تحلّ ذكرى 203 سنوات على ولادة المفكّر والاقتصادي والسياسي الثوري كارل ماركس، فيما العالم يمرّ بتغيّرات عميقة أقلّ ما يقال فيها أن نظام الرأسمالية المعولمة يواجه تحديات وديناميات غير مسبوقة في تاريخه في القرنين المنصرمين. وأتت جائحة كورونا بعد عقد من الركود الاقتصادي وتراكم الديون في دول المركز الرأسمالي، وتحديداً في الولايات المتّحدة وأوروبا، مترافقةً مع معدلات نمو صفرية وعجوزات في الموازنات كما في ميزان المدفوعات. كلّ ذلك يضع الاقتصاد الرأسمالي أمام استحقاقات وتساؤلات وجودية حول قدرته على تخطي هذه الأزمات المضاعفة على المدى المتوسّط والبعيد خلال العقود المقبلة.
وفي حين تحمل هذه الأزمات العضوية آفاقاً للحركة الثورية والاشتراكية لتصعيد نضالها السياسي الطبقي ضدّ الرأسمالية، فهي أيضاً تحمل معها مخاطر كبيرة لجهة ميل الرأسمالية دوماً إلى حلّ أزماتها عبر مضاعفة الاستغلال الطبقي من جهة، وتوسيع دائرة حروبها الخارجية لإخضاع الخصوم وإضعافهم من جهة أخرى. وهذا ما يجعل العمال وشعوب العالم المضطهدة أمام مواجهات متجدّدة ومتعاظمة مع نظام رأس المال المعولم، بحلّته الإمبريالية العسكرتارية الراهنة.
إنّها أعلى مراحل الرأسمالية، وأعلى مراحل الاستغلال والعدوان، ومواجهتها تتجذّر مع الوضوح السياسي للبديل الاشتراكي بعيداً عن أحلام رأسماليّة الدولة القومية ومزاعم طريق التطوّر اللارأسمالي وأوهام الليبرالية، نحو تعديل موازين القوى واستنهاض البديل الثوري.