أصل المقاطع الصينية وتطورها

يعتقد كثيرون أنّ صعوبة اللغة الصينية تكمن بشكل أساسي في قراءة الرموز أو ما يسمى بـ "الكاركتيرات" كونها لغة غير أبجدية أي لا تملك حروفا يمكن تهجئتها، إلا أنه يمكن لكل من يريد تعلّم تلك اللغة أن يدرك أن صعوبتها الأساسية لا تقتصر على صعوبة رسم الرموز وإنما هناك عقبة أخرى تتعلق في لفظ النغمات بشكل سليم، إذ يوجد في اللغة الصينية أربع نغمات رئيسية، ويتغيّر معنى المفردات تبعا لهذه النغمات.

جاءت عملية تحويل الرموز إلى لغة صوتية في مرحلة متأخرة، تحديداً في القرن الثاني قبل الميلاد. فبسبب تشابه الرموز تم العمل على التمييز بينها من خلال استخدام حركات، وهو ما يشبه الضم والفتح والكسر في اللغة العربية، الأمر الذي زاد من صعوبة تلك اللغة.
لا ترسم تلك الرموز بشكل عشوائي، بل لها طريقة معينة إذ يتم البدء بها من الأعلى إلى الأسفل، وهو ما يُضفي نوعا من الصعوبة على أي أجنبي عند رغبته في رسم رمز ما، إذ لا بد من أن يُثير ضحكات الصينيين الذين اعتادوا على الرسم بشكل سريع وبطريقة منتظمة.
إن كان قد قيل في وصف اللغة العربية: "أنا البحر في أحشائه الدر كامن" فإنّ الدرّ في اللغة الصينية يكمن في تاريخ تشكيلها الذي واكب التطور الإنساني عموما، إذ تتمتع اللغة الصينية بتاريخ عريق وذلك باعتبار الحضارة الصينية واحدة من من الحضارات الأربع القديمة، فما نراه من رموز صينية هي ليست عبارة عن مجرد رسوم، إذ أنه ولكل منها معنى تطور تاريخيا عبر التطور البشري الطبيعي، ابتداء من الرموز البدائية التشكيل المنقوشة على عظام الحيوانات إلى تشوان شو (خطّ الأختام القديمة الموحّد في أسرة تشين الملكية في الصين) ثم إلى لي شو (الخط الديواني الصيني القديم) وكاي شو (أسلوب الخطّ المستعمل حاليا) وتساو شو(الخط الارتجالي ) وشين شو(الخط الرشيق).
في المجتمع البدائي ، لم تكن الحكمة البشرية كافية لاختراع الكتابة ، وفي الوقت نفسه ، بسبب الذاكرة البشرية المحدودة ، كان من المستحيل تسجيل كمية كبيرة من المعلومات بدقة ، فتمّ اختراع طريقة للتدوين عبر استخدام مجموعة من الخيوط لتسجيل البيانات، . وتم إرساء هذا الأساس في وقت كانت اللغة تنتقل إلى المرحلة الكتابية، وبذلك تم وضع الأساس لاختراع الكتابة.


وهنا لا بدّ من ذكر نقوش "عظام أوراكل" والتي هي نص صيني قديم ، يُعرف أيضًا باسم “ Qiwen" أو "نص “ Yinxu" أو "نقوش قوقعة السلحفاة وعظام الحيوانات. وهو بالفعل أقدم كاركتير صيني ناضج يمكننا رؤيته. تشير تلك النقوش بشكل أساسي إلى الكاركتيرات المنحوتة على أصداف السلحفاة أو عظام الحيوانات من قبل العائلة المالكة في أواخر عهد أسرة "شانغ" في الصين من أجل التنبؤ بالمستقبل أو ما يسمّى بـ "العرافة". .إنها حاملة لأقدم لغة لأسرة "شانغ" المنهجية المعروفة في الصين وشرق آسيا.