تأتي الذكرى السنوية الأولى على حادثة انفجار أو ربما تفجير مرفأ بيروت مصاحبة للذكرى الخامسة عشر على عدوان تموز الذي انتهى في آب 2006 وذهب ضحيته مئات الشهداء، المفارقة أن شهداء تموز وآب 2006 معروف قاتلهم وهو العدوّ الصهيوني؛ فمنهم من قاوم واختار الشهادة درباً، ومنهم من كان ضحية، أما شهداء المرفأ فجميعهم ضحايا ..ضحايا نظام فاسد، بناه الإنتداب الفرنسي على المحاصصة الطائفية والمذهبية أنتج حرباً أهلية مدمّرة، والمضحك أن أمراء الحرب والطوائف هم أنفسهم أعادوا إنتاج النظام مع تبدّل في الأدوار من المارونية السياسية إلى السنيّة السياسية عبر دخول الحريرية شريكاً أساسياً بعد إتفاق الطائف، إلى الشيعية السياسية واحتكار المقاومة مقابل احتكار الإقتصاد بالتعاون مع الوصيّ السوريّ، وطبعاً لكلّ فريقٍ معلّمه الخارجي من أميركي إلى أوروبي إلى إيراني إلى سعودي وغيره؛ فلبنان يعيش اليوم كارثة إقتصادية لم يسبق لها مثيل بسبب فسادهم؛ فهؤلاء الأمراء أمسكوا بمفاصل الدولة على مدى ثلاثين عاماً وحوّلوا الإقتصاد إلى ريعي وتقاسموا الوزارات والإدارات العامة التي من خلالها جرى النهب المنظّم للمال العام والخاص بالتعاون مع الشريك الرسمي حاكم المصرف وجمعية المصارف، لقد انعدمت الطبقة الوسطى وأصبحت الأغلبية الساحقة من اللبنانيين تحت خط الفقر ويشهد لبنان هجرة غير مسبوقة لشبابه وكوادره بسبب تدني الدخل وانهيار العملة والغلاء الفاحش، إضافة إلى أزمة الكهرباء والوقود وغيرها .... وبالرغم من كلّ هذه الأزمات وقيام الإنتفاضة الشعبية في 17 تشرين 2019 وما زالت وتجلّت أبرز نتائجها في انتخابات نقابتيْ المحامين والمهندسين على طريق استرجاع الحركة النقابية التي شرذموها وفقاً لمصالحهم، ما زالوا يغالون في وقاحتهم ويجاهرون علناً بتقاسم الحصص من خلال تشكيلة حكومية مرفوضة سلفاً من قبلنا نحن الشيوعيين وحلفائنا.
نعم أيها الشهداء في تفجير المرفأ أنتم ضحايا هذا النظام فهو مسؤول بكلّ مكوّناته عن وفاتكم وتدمير العاصمة والدليل عدم مثول من استدعاهم المحقق من نواب ووزراء وقادة أمنيين أمام القضاء والتلطي خلف الحصانات يؤازرهم مجلس نيابي قائم على قانون طائفي هم واضعوه.
أما أنتم شهداء العدوان الصهيوني بكافة مراحله منذ أول اجتياح حتى عام 2006 وبخاصة أبطال جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية.. المجد والخلود لكم يا من غيّرتم مجرى التاريخ في الصراع مع العدوّ فألف تحية، نحن دائماً نحيي ذكراكم بأكاليل الورود وإضاءة الشموع والوعود بإكمال مسيرتكم، لكن الوعد الحقيقي يجب أن يكون على مستوى الوطن بالدرجة الأولى عبر تفعيل الإنتفاضة وتثويرها من خلال البيان الذي أصدرته اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي مؤخراً حتى تحقيق التغيير الشامل.