الشهداء الشيوعيون هم معالم مضيئة في تاريخنا

يترابط يوم الشهيد الشيوعي هذا العام مع مئوية تأسيس حزبنا الشيوعي اللبناني. مما يُكسب يوم الشهيد معاني وأبعاداً تتصل بمسيرة الحزب على مدى المئة عام.. وأصلاً لم يكن يوم الشهيد الشيوعي ذكرى طقوسية، بل إنه يوم يجدّد فيه حزبُه التأكيد بأن الشهداء راسخون في ذاكرته وفي تاريخ شعبنا ووطننا، ولا تمحوهم السنون.

فالحزب يستمدّ منهم الروح الكفاحية والإندفاع في مواصلة مسيرته النضالية.. فهُم انبثقوا من صميم واقع شعبنا وأصالته في العطاء والتضحية من أجل قضاياه، وقدّموا أغلى وأسمى ما عندهم... قدّموا حياتهم ليحيا شعبهم ووطنهم.. لذلك هم خالدون في تاريخ الحزب، ومشاعل مضيئة تنير طريق نضاله.
فقافلة شهداء الحزب منذ تأسيسه إلى اليوم، تزيد عن الألف شهيد، وهم رموز تُظهر لأجيال الشيوعيين والوطنيين، مسار الحزب النضالي، والقضايا التي استشهد الشيوعيون من أجلها.. فكما أنّ الحزب الشيوعي هو اتحاد طوعي بين شيوعيين يوحّدهم الفكر والأهداف، فإنّ الشهيد الشيوعي ينطلق من قناعته الفكرية والسياسية وارتباطه بشعبه ووطنه، إلى التضحية حتى بحياته. وهو لا ينتظر مكافأة أو نفعاً شخصياً من أيّ نوعٍ كان. وهذا ما يضاعف من قيمة استشهاده، ومن الاعتزاز والافتخار بكل شهيد شيوعي. فهذا الاستشهاد يشكّل معلماً راسخاً لتاريخ هذا الحزب ومساره النضالي على طريق تحرير الوطن والإنسان.. ففي المحور الوطني تركَّز نضال الحزب على انتزاع الاستقلال. وكان للقائد الشهيد فرج الله الحلو دور فاعل مع رفاقه في المؤتمر الوطني أثناء معركة الاستقلال عام 1943. كما تميّز بدوره في بناء الحزب، وفي تأسيس صياغة خطّته السياسية ارتباطاً بالواقع اللبناني. واستشهد تحت التعذيب في أقبية مباحث عبد الحميد السراج في دمشق في 27 حزيران 1959. فكان شهيد الديمقراطية ونموذجاً لصلابة الشيوعي وحرصه على حزبه.. وبادر هذا الحزب في الظروف الجديدة، وبعد تخاذل سلطة الدولة، بتشكيل مقاومة ضد الاعتداءات الصهيونية على القرى الأمامية أواخر ستينيات القرن الماضي. ثم بعدها كان للحزب وأمينه العام جورج حاوي الدور الريادي مع رفيقه محسن ابراهيم في توقيع بيان يعلن إنشاء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، في 16 أيلول عام 1982، وبدء عملياتها البطولية في تحرير بيروت وما بعدها من الجيش الصهيوني. ولا تزال هذه المعركة في مقاومة هذا العدو مفتوحة، وخصوصاً اليوم ضد أساليبه النازية حيال أهل غزة وفلسطين، وجنوبنا اللبناني وبدعم أميركي وقح.
وقد استشهد الرفيق حاوي بتفجير سيارته في 21 حزيران 2005.
وكان للقائد الشيوعي النقابي فؤاد الشمالي، الذي شارك في تأسيس الحزب، دور ريادي في البدء بالعمل النقابي للعمال وللحركة النقابية في لبنان. ويتجلّى دور الحزب في محور ثالث في مواجهة المشروع الطائفي الفاشي والتقسيمي للبنان، ومن أجل ترسيخ وحدته وتطوّره الديمقراطي، ودعماً للقضية والثورة الفلسطينية والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وفي إطار تحالف يتمثل بالحركة الوطنية اللبنانية ومشروعها المرحلي لإقامة لبنان سيد عربي ديمقراطي علماني.
لقد رسم الشهداء الشيوعيون بدمائهم الزاكية وفي جميع المحاور المذكورة، خريطة لبنان الواحد، وسجّلوا صفحات مشرقة في تاريخ حزبنا وشعبنا ووطننا. فالحزب الشيوعي بطبيعة مبادئه وأهدافه هو حزب مقاوم.. حزب عمّالنا وكادحينا وعموم شعبنا. حزب التغيير الديمقراطي وبناء دولة المواطنية الديمقراطية الحديثة والعدالة الاجتماعية. وهو بذلك حزب الإنقاذ من نظام وسلطة الانهيار. وقد أدّى التواطؤ الأميركي السعودي السوري، ومع زعامات الطوائف اللبنانية، لإعادة بناء الدولة بعد توقّف الحرب الأهلية، على الأسس الطائفية والطبقية نفسها. ولم يكن استبعاد الحزب الشيوعي والعمل لطمس دوره النضالي وتضحياته، سوى لاستبعاد قضايا الشعب والوطن، الذي ناضل ويناضل الحزب الشيوعي لتحقيقها.
وهذا ما أوصل بلدنا وشعبنا إلى حالة التدهور والفساد المتمادي. لكن حزبنا سيواصل النضال من أجل قضايا ومصالح شعبنا ووطننا ووفاءً لشهدائه.
- تحية إجلال وإكبار لشهداء الحزب الشيوعي اللبناني وشهداء الوطن.
- تحية التضامن الكفاحي لشهداء غزة وفلسطين وجنوبنا اللبناني.
- المجد والخلود لجميع شهداء النضال للتحرر الوطني وضد الظلم الاجتماعي.


# موسومة تحت :
  • العدد رقم: 424
`


موريس نهرا