حول سقوط أفدييفكا بيد القوات الروسية
يعتبر، من وجهة نظرنا، سقوط أفدييفكا ضربة قاصمة للقوات الأوكرانية و للنخبة السياسية الحاكمة في كييف، و للداعمين الغربيين لأوكرانيا، للأسباب التالية:
تنطلق بين 5 و 6 آب في مدينة جدة السعودية مباحثات سلام لحل الأزمة الأوكرانية، إذ أنه لم تتم دعوة روسيا إلى هذا اللقاء، كما أن الصين و البرازيل و جنوب أفريقيا أبدت تردداً في حضور هذا اللقاء. أعطت الأوساط الإعلامية و الدوائر السياسية المختلفة حول العالم تقديرات متباينة حول إمكانية نجاح هذه الجهود في وضع الأزمة الأوكرانية على طريق الحل السلمي.
يجب النظر إلى المبادرة السعودية لحل الأزمة الأوكرانية من عدة جوانب!
فهي من حيث الشكل و الزمان و المكان و السياق جاءت صحيحة، لا بل هي خطوة ذكية ومدروسة بعناية، تبلورت في مناخ إيجابي من الوفاق على المستويين العربي و الإسلامي.
فهذه المبادرة ستشكل إزاحة لتركيا و الصين من ممارسة هذا الدور؛ فوضوحاً تركيا غير قادرة على الحفاظ التوازن في علاقاتها المعقدة بين روسيا و الغرب، كما أن روسيا لا يمكنها أن تثق بتركيا بعد الآن، خاصة بعد إفراج الأخيرة عن بعض عناصر فوج آزف. أما الصين، فلا يمكنها أن تتموضع سياسياً بعيداً عن روسيا، وهذا يثير حفيظة الدول الغربية حول أي مبادرة صينية.
لذلك فإن نجاح السعودية في قيادة هذه الجهود الدبلوماسية سينعكس إيجاياً على العالمين العربي و الإسلامي، ويرفع من أسهمهما في المحافل الدولية، الأمر الذي قد يساعد في حل أزمات أخرى تعصف بالمنطقة العربية.
من طرف آخر، يجب أن نسأل السؤال:
لماذا يشجع الغرب السعودية على لعب هذا الدور؟
في الواقع، لا تلتزم دول الجنوب بأي عقوبات غربية ضد روسيا، لذلك سيستغل الغرب هذا النشاط الدبلوماسي للحشد ضد روسيا من جهة، وفي حال فشل جهود السعودية سيستغل الغرب الموضوع للقول بأن روسيا لم تستجب لمطالب دول صديقة لها أو حيادية حيال الأزمة الروسية-الأوكرانية من جهة ثانية. لذلك ينبغي على السعودية قيادة هذه الجهود بالكثير من الحنكة و الحذر حتى لا تقع في أي مطبات، تؤدي إلى إحراجها و إحراج روسيا معها.
وفيما يتعلق بعدم دعوة روسيا لحضور هذه المباحثات، فلا يجب التركيز على هذه المسألة كثيراً لأن الجلسة الأولى ستكون استشارية، إذ سيقوم كل طرف بإبداء رأيه و تصوره للحل. و ستقوم السعودية بحمل هذا الملف إلى روسيا لوضع تصوراتها حول الموضوع. ولكن في المستقبل لا بد من دعوة روسيا، لأنه لا يمكننا أن نتصور إمكانية تحقيق أي حل بدونها. و على الرغم من أن الحل يبدو بعيد المنال، لكن علينا أن نتذكر بأن المتفاوضون الروس و الأوكران كادوا أن يتفقوا على العناصر الأساسية للحل في محادثات اسطنبول، إلا أن الغرب عطّل هذه الجهود عبر تشجيع القيادة الأوكرانية على القيام بالهجومات المعاكسة و إزكاء نار الصراع.
*ينشر هذا التقرير بالتزامن بين اذاعة صوت الشعب ومجلة النداء.
**الدكتور آصف ملحم، مدير مركز جي إس إم للأبحاث و الدراسات/ موسكو.
يعتبر، من وجهة نظرنا، سقوط أفدييفكا ضربة قاصمة للقوات الأوكرانية و للنخبة السياسية الحاكمة في كييف، و للداعمين الغربيين لأوكرانيا، للأسباب التالية:
بدأ الوهن و الضعف يتسرب إلى الدعم الغربي لأوكرانيا؛ فتكاليف الحرب هناك أثقلت الكاهل الاقتصادات الغربية. أوكرانيا نفسها لم تحقق إنجازات عسكرية تستحق الذكر في هجومها المضاد بالرغم من كل الدعم الغربي المالي و العسكري، الأمر الذي دفع الكثيرين، على المستوى الشعبي و الرسمي، إلى طرح السؤال البسيط التالي:
إلى متى سيستمر الأمر على هذه الحال، نرسل الحزمة تلو الحزمة من المساعدات، و أوكرانيا تراوح مكانها؟