وهذا أبرز ما جاء في المقابلة:
- سؤال: الأستاذ مازن حطيط قانونياً، كيف تقرأ هذا الإدّعاء؟
- المحامي حطيط: باختصار، نُفّذت عدة احتجاجات شعبية كبيرة في مدينة طرابلس والتي نتج عنها حريقٌ في السراي الحكومي ومبنى البلدية، ولكن طبعاً لم نسمع استنكارات وصرخات لاستشهاد شاب وإصابة مجموعة من المنتفضين، بالإضافة إلى العديد من التوقيفات التي طالت صفوف المنتفضين. وكعادتها هذه السلطة لم تتحمل حجم هذا الاحتجاج الشعبي الكبير الذي جرى، وكالسابق عمدت إلى شيطنته واتهام المشاركين به بارتباطاتهم وتلقيهم أموالاً... وتحت هذه المزاعم تم توقيف حوالي 35 مواطناً بتهمة "افتعال الحريق والشغب ومعاملة قوى الأمن بالشدة"، وشابت هذه التوقيفات بعض خروقات قانونية. وأصبح هذه الملف في عهدة قاضي التحقيق الذي بدأ بالاستجوابات وتم إخلاء سبيل بعض الموقوفين، إلّا أننا تفاجأنا بداية هذا الأسبوع أن مفوّض الحكومة كان مخطئاً بطريقة الإدّعاء للأسف كونه غير قارئ للقانون، حيث استخدم في ادعائه موادَ قانونيةً، معلّقٌ العمل فيها. ثم أعاد الملف لقاضي التحقيق بعدما قام بتغيير طبيعة الإدّعاء والوصف الجرمي الموجود، وادّعى بجريمة "الإرهاب"، وبتشكيل جمعيات أشرار معطوفة على المواد المتعلّقة بالإرهاب، بالإضافة إلى جناية السرقة الموصوفة وللمؤسف أنه شمل هذا الموضوع على الـ 35 المُدعى عليهم بهذا الملف، وهنا تكمن خطورة الأمر في النيابة العامة العسكرية التي بدأت تحوم حواليها العديد من الشبهات، وفعلاً هناك ارتيابٌ مشروع، خاصة أننا نرى قرارات سياسية بتوجيه القضاء بهذا الاتجاه.
- سؤال: هل المحكمة العسكرية هي الجهة المخوّلة للنظر في هذه القضايا؟
- المحامي حطيط: المحكمة العسكرية غير مخوّلة بهذا الموضوع. ثانياً بما يتعلق بتهمة "الإرهاب"، الخطير بالمسألة أن كلِّ التحرّكات التي نُفّذت على مدار السنوات الماضية وليس حصراً منذ العام 2019 لم يتم الإدّعاء لمرّةٍ واحدة بجرم الإرهاب. فهم يشكّلون حالة من الردع والخوف لدى المواطن، بما معناه أن الذي يريد الاحتجاج والنزول إلى الشارع لن تنقضي المسألة بالقمع المعتاد من هذه السلطة سواء بالضرب أو بتر إصبعه أو إصابته ببعض الخردق والرصاص الحي. كما عوّدتنا السلطة... فحالياً الأمر بات مختلفاً، مثلاً هناك إمكانية لسجنه مدة طويلة، ووسمه هو ومنطقته وأهله بالإرهاب.
- سؤال: الخلاصة هو حكم وادّعاء ردعي بسبب خشية من الاحتجاجات المقبلة ولا سيما لما يُحكى عن سياسات رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية...؟
- المحامي حطيط: هناك أمرٌ سياسيّ في هذه القضية وليس أمراً قانونياً... فالمحكمة العسكرية هي جزء من أدوات هذه السلطة، فتلك المحكمة نشأت لخدمة السلطة والمكتب الثاني آنذاك وعمدت إلى توسيع صلاحياتها لخدمته. وللأسف هذا ما نشهده اليوم، ومن الواضح أنه بات معروفاً لمصلحة من تعمل هذه النيابة العامة العسكرية برئاسة القاضي فادي عقيقي. ونتداول الأسماء لأن هذا القاضي أمامه 24 شكوى لشباب تم الاعتداء عليهم بالرصاص الحي والخردق خلال مشاركتهم بتظاهرة 8 آب 2020 ولغاية اليوم لم يحرّك ساكناً أمام دعاوى هؤلاء المواطنين اللبنانيين الذين تعرّضوا للاعتداء من قبل هؤلاء "الزعران".
تعقيباً على هذا الملف. فالمواطن فواز السمان استشهد برصاص الجيش، وأيضاً المواطن أحمد توفيق، ومؤخراً المواطن عمر طيبة. وعلى سبيل المثال، إن المحكمة العسكرية لم ترَ الاشتباك المسلح الذي وقع منذ مدة في منطقة الليلكي وسقط خلاله قتيل، وتم خلاله ضرب القذائف. وهذه الصفقات لهي دليلٌ على أن هذا القضاء بات مُسيّساً، وأدواته في المحكمة العسكرية جزء منها مسيس أيضاً.
- سؤال: بما يخص بالإدّعاء على الموقفين بتهمة السرقة والإرهاب، تردّدت الأنباء أن هؤلاء من المحرومين من حقّ الدفاع. هل هناك أيّ مصوّغ قانوني يمنع الدفاع عن هؤلاء المتظاهرين؟
- المحامي حطيط: خلال هذه الأحداث، نشهد طبعاً تركيب ملفات وتم منعنا من تطبيق المادة الـ 47، وتمّ إخفاء هذه الناس فعلياً، وحاولنا التواصل مع الأجهزة التي بدورها أخفتهم. وللأسف أيضاً هو القاضي نفسه، الذي قمنا بمراجعته والذي نعرض إجابته للرأي العام ليقرّر، حيث أن ردّه كان أنه عندما سألوا الموقوفين إذا يريدون توكيل محامٍ لمتابعة قضيتهم، ولكنهم رفضوا. أيعقل أن شخصاً موقوفاً لدى جهاز أمني يُسأل إن كان يريد توكيل محامي، ويكون جوابه الرفض..؟ وتوجّهنا له بالسؤال وهل هم أيضاً رفضوا الحديث لأهلهم..؟ أيضاً كان جوابه أنهم رفضوا.
يريد منّا التصديق أن الموقوفين لا يريدون التواصل مع أهاليهم ولا حتى توكيل محامي للدفاع عنهم. وللنظر أعمق في تفاهة هذه الدولة وأجهزتها والقضاء العسكري هو جزء منها؛ أن هناك أحد المختفين.. الذي اختفى منذ نهار الخميس، وأصدرت قوى الأمن الداخلي نهار السبت بياناً مع عرض صورته لمن يجده التبليغ بناءً لإشارة من القضاء المختص. وجدناه يوم الإثنين لدى المخابرات. وعندما واجهنا القضاء بالمسألة أجابنا هو الذي رفض التواصل مع أهله...
وللأسف حالياً نشهد أنّ لكلّ منطقة هناك جريمة ما بالإدّعاء، مثلاً يصبح متظاهرو طرابلس، بالأحرى أيّ متظاهر مشارك في تظاهرات طرابلس يوسمُ بالإرهاب، وفي بيروت "الزعران.. يتهجموا "عليهم وطبعاً نرى النيابة العامة والقضاء مختفين والأجهزة تقوم بتغطيتهم.
- سؤال: ما هي الإجراءات المتبعة من قبلكم لحلّ هذه القضية؟
- المحامي حطيط: حالياً، بعد التهمة الأخيرة، سوف يعيد قاضي التحقيق استجواب جميع المدعى عليهم في هذا الملف، حتى الذين تم إخلاء سبيلهم. وستتواصل جلسات الاستجواب للذين ما زالوا قيد التوقيف وعددهم 18 موقوف. ونحن سنتابع القضية مع قاضي التحقيق. وللصراحة يأسنا ممّا يسمى التفتيش القضائي، لأن هناك ملفات دعاوى كثيرة في عهدة التفتيش القضائي، ولكن للأسف لا يوجد تفتيش قضائي في لبنان، حتى هناك العديد من الشكاوى بحق قضاة المحكمة العسكرية النيابية وعلى رأسهم القاضي فادي عقيقي، وطبعاً لا يوجد أي تفتيش قضائي بحقهم.
ونتجه لتقديم طلب سحب الملفات من يده بسبب الارتياب المشروع، وشكّنا به لارتهانه السياسي، إضافة إلى متابعة القضية بالمحاكم، والتي يبدو أنها تترافق مع استكمال الضغط الشعبي أمام المحاكم. ومن هنا نكرّر مطالبتنا بإلغاء كامل المحاكم الاستثنائية ولا سيما المحكمة العسكرية وحصر صلاحياتها بمحاكمة العسكريين من منطلق رفض محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.
- سؤال: حُكي عن وجود مندسين ودخول أطراف سياسية على الخط وافتعال أعمال الشغب والعنف. ما هي هوية هؤلاء الموقوفين؟
- المحامي حطيط: من الطبيعي جداً جداً، ضمن إطار مواجهة السلطة في هذا الحجم أن تقوم باستخدام عدد من المندسين مثلما تستخدم الرصاص والهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع. وهذا جزء من الصراع وتوزان القوى على الأرض.
ولنسلم جدلاً، حول ما قالته السلطة وأزلامها واتهاماتها للمتظاهرين في أحداث طرابلس، مثل وجود سفارات وشخصيات سياسية وأحزاب سلطوية وأحزاب معارضة تقوم بدفع الأموال للناس وتحريضهم على القيام بأعمال الحرب والشغب. ممتاز، أين هم؟ قالوا هناك تمويل من الأتراك، مع أنهم استقبلوا السفير التركي في طرابلس وأقاموا له الاحتفالات، فلماذا لم يقوموا بتوقيفه، بما أنه محرّض أو غيره من الذي يذكرون اسمهم بأنهم يقومون بالتحريض من بهاء الحريري وغيره. إذاً، دّعوا عليهم. ادعوا على أشرف ريفي الذي أتيتم به وزيراً للعدل، أو بهاء الحريري الذي قد تأتون به رئيساً للحكومة بأية تسوية تقومون بها. فعلى من تكذّبون...؟ كفى كذباً كلّ جماعة تتهم الجماعة الأخرى، ولنكن واضحين لو أن الشباب الذين أوقفوا لديهم انتماءات لما كانوا موقوفين بالأصل. وأساساً لم يستطع احدٌ حينها من الاقتراب منهم أو ضربهم أو توقيفهم... هل كان أحدٌ ما "استرجى" وقام بإخفائهم؟ نعلم كيف يتعاملون ويميزون. ألم نرَ مشهد الدركي الذي تعرّض للضرب من "أزعر" في طرابلس؟ ثم أصدرواً بياناً أفادوا فيه أنه تمّ توقيف المعتدي، أطلعونا إذاً على صورته وعلى محضر التوقيف وزعموا أنه حادث فردي والدركي خارج الخدمة، أهكذا يحافظون على القانون وهيبة الدولة؟ أما إشكال مسلّح بحيٍّ آمن تستخدم به القذائف ويذهب به قتيل لم نسمع بوجود الدولة. والبارحة سرقة اللقاحات ألا يعتبر جرماً، هو جرم جزائي ولم نر السلطة تحركت أو فتحت فمها.
يكفي كذباً. ولا يتهم الناس بالعمالة إلّا العميل، ولا يتهم الناس بالتبعية إلّا التابع. أما المواطن الحرّ الذي نزل على الشارع من قهره ووجعه، ونتهمهم بالقبض. ونسينا أن أبناء طرابلس رموا بأنفسهم في البحر لتأمين لقمة العيش لأولادهم لأنهم لا يستطيعون إطعامهم... يستحوا... فليستحوا على أنفسهم. ولم يجدوا المجرم بالبلد، ويتشاطرون علينا أنه جريمة الموقوفين الحرق، حتى جريمة السرقة الموسومة بالمادة الجنائية رقم 638 هو بيع بوابة السراي الحديدية خردة، هذه هي جريمة السرقة. فليذهبوا لفتح ملفات السرقات في بلدية طرابلس، فليفتحوا ملف التدقيق الجنائي والسرقات.
تهمة بعض الموقفين تحقير رئيس الجمهورية، فما علاقة المحكمة العسكرية بهذا الموضوع؟ وجدوا لأحد الموقوفين في هاتفه بوست في حسابه الشخصي على موقع الفيسبوك لتحقير رئيس الجمهورية. فما الداعي للإدّعاء على 35 شخصاً بتهمة تحقير رئيس الجمهورية.