منذ حقبة اليونان القديمة، كان اعتناق الفكاهة تقليداً قديماً بين الغربيين. ربط الغربيون بين الفكاهة والإيجابية واعتبروا الفكاهة تعبيرات تسلية طبيعية. في أواخر القرن التاسع عشر، اعتبر فرويد الفكاهة آلية دفاعية ضد العقبات والضيق. زمن منظور التحليل النفسي، لم يُنظر إلى الفكاهة على أنها وسيلة لمساعدة الناس على التخلص من الخوف والقلق فحسب، ولكنها توفّر أيضاً آلية ممتعة ومضحكة وأقلّ ترويعًا تجاه الخوف الداخلي للناس. في القرن العشرين، بدأ علماء النفس في العالم الغربي يتحدثون عن الآثار الإيجابية للفكاهة.
وقد قسّمت الفكاهة الى أربعة انواع: التعزيز الذاتي، والترابط، والهزيمة الذاتية، والفكاهة العدوانية. ووُجد أن الأنواع الأربعة للفكاهة قابلة للتطبيق في ثقافات مختلفة وبطرق متعدّدة.
وجمع علماء النفس أدلة على الآثار الإيجابية للفكاهة، حيث تعمل على تقوية المناعة، وتسهيل الإبداع، وتخفيف التوتر والقلق، وخلق مفهوم ذاتي أكثر إيجابية، وتحسين العلاقات مع الآخرين، وزيادة المشاعر الإيجابية و الرضى عن الحياة. لكن في الوقت عينه، ليست كلّ أشكال الدعابة مفيدة.
رغم هذه الأبعاد الإيجابية، إلّا أنه غالباً ما تسبّب الكوميديا بالإهانة، خاصة مع بروز خطاب الإلغاء. وبات النقاش يدور حول ما هو مضحك وحدود، خاصة وأنه لطالما كان هناك تقليد في الكوميديا يتمثّل في المزاح حول مواضيع محظورة. لكن في السنوات الأخيرة، اعتنق الكوميديون أو هربوا من إلقاء الضوء على الجنس والعرق، مع انتشار مفهوم.
بالنسبة للعديد من الكوميديين، تعتبر حرية التعبير قيمة أساسية. لهذا السبب يشتكي الكوميديون من مفهوم الـ wokeness أو الصحوة له تأثير مخيف على الكوميديا والعادات المجتمعية. وردّاً على ذلك، يرد النقاد على ذلك بقولهم إن نكاتهم تكون أحياناً قاسية بشكل غير ضروري، أو سيئة الذوق، أو حتى لها تأثير خطير على طريقة تفكير الناس وتصرفهم. إنهم قلقون من أن هؤلاء التجار الضاحكين يقوّضون الجهود المبذولة لتحقيق التقدّم الاجتماعي وحماية الفئات المهمّشة.
ومع ذلك ، يمكن أن تكون الفكاهة أيضاً موحِّداً. يمكن أن يساعدنا في رؤية شيء ما من منظور جديد، مما يجعلنا نضحك في الإعتراف بالحقيقة المستنيرة. غالباً ما تكشف النكات أنه حتى أولئك الذين لا يشبهوننا تماماً يتشاركون تجارب مشتركة، ويذكّروننا أنه ربّما لسنا مختلفين على الإطلاق. ومع هذا يسهل علينا الضحك على الآخرين، لكن عندما تكون مجموعتنا هي الهدف، فإننا نصبح أكثر دفاعية، وتجلّ النكات في دوامة المقبول وغير المقبول وتتسلّح الفئات المهانة بالقيم الإجتماعية، والتي هي في تغيّر مستمر.
تعود احتجاجات على العروض الكوميدية إلى أوائل القرن العشرين على الأقل، يوم اعترضت المنظمات الكاثوليكية الرومانية في الغرب الأوسط من عام 1905 من فناني الفودفيل الذين يتاجرون بالصور النمطية عن الإيرلنديين والشرب.
يقول الممثل الكوميدي جورج كارلين ذات مرة "من واجب الممثل الكوميدي أن يجد أين يرسم الخط - الدعابة المقبولة - ويتخطّاه عمداً". اليوم ترفض بعض النكات التي تطال مجموعة، خاصة إذا لم يكن الفكاهي عضواً فيها، وهنا تظهر كيف تتغير الدعابة مع المعايير المتغيّر اجتماعياً. وعلى الرغم من انسياقها مع التغيّر الاجتماعي إلّا أنه يمكن اللجوء إلى الدعابة كآلية محاربة للقيم والقوالب الاجتماعية؛ فهي أسلوب تعبير مقبول ويمكن من خلالها تمرير رسائل سياسية وتهديمية للمنظومة بعيداً عن العدوانية والتوتر، التي غالباً ما ترافق الأحاديث السياسية.
في تسعينيات القرن الماضي ، تحوّل هذا التوتر بين من يؤيدون الصواب السياسي وأولئك الذين يغضبون من شفرات الكلام إلى مناوشات. في أوائل الألفية، تطوّرت إلى حرب ثقافية شاملة. لا يزال بعض الكوميديين في الصفوف الأمامية، يلقون النكات من الخنادق. ولا يمكن إغفال عامل العمر، إذ أن جيل الألفية وجيل زد، لم يعدوا يستجيبون بشكل جيد للسخرية والهجاء بعد الآن، فهم حرفيون للغاية ومباشرون، ويطلبون قول الأمور هي، لأنه بخلاف ذلك يمكن تفسيره على أنه عدوان دقيق. فيما يرى الجمهور الأصغر أن الكوميديا نوع من التمارين العلاجية التي تكون أكثر شخصية، ومتجذرون في الألم الشخصي. لكن في الوقت عينه يرتابون من فكرة الدعابة التي تلقي .. تلقي الضوء على الضحية والهوية، والتي يمكن أن تقلل من نضالات الفئات المهمّشة ومعاناتها. يعتقد البعض أن الكلمات التي تسبب الإزعاج العاطفي خطيرة.
هذا هو السبب في أن العديد من الكليات عند تعيين الكوميديين هذه الأيام ينصّ تعاقديّاً على ما لا يمكنهم قوله على خشبة المسرح. ربما الكوميديا في ورطة اليوم، في خضم سجال لم ينتهِ حول ما يجب ولا يجب قوله، خاصة وأنه يمكن لهاتف محمول أن يلتقط تغريدة أو مقطع فيديو دعابة سيئة وتسبّب بحالة إعتراض كبيرة، تصل إلى الهجوم الشخصي وتعريض حياة أفراد للخطر. فاليوم، يمكن أن يكون للاستياء من نكتة، وإن قيلت قبل سنوات عديدة، عواقب وخيمة.