وأصدرت القمة مبادرة مشتركة عبّرت عن الإرادة المشتركة للأحزاب السياسية المشاركة في هذا الحدث لحماية السلام والتنمية في العالم وتعزيز رفاهية الشعوب.
في كلمته الافتتاحية، انتقد الرئيس الصيني شي جين بينغ ممارسات السعي وراء الحصار التكنولوجي وفك الارتباط الاقتصادي، وتسييس جائحة كورونا، والتلاعب السياسي بغرض تخريب تنمية البلدان الأخرى، والسعي من أجل الهيمنة عبر سياسة التكتلات. ودعا الأحزاب السياسية في العالم الى تحمل مسؤوليتها لتحقيق رفاهية الشعوب وتقدم البشرية، والتعاون لمواجهة التحديات العالمية، منها الجائحة وعدم المساواة والإرهاب وتغير المناخ، اضافة الى فك الحصار التكنولوجي والفجوة التكنولوجية والارتباط الاقتصادي. وفي إشارة إلى بأن جميع الدول والأمم لها الحق في فرص التنمية والحقوق على حد سواء، قال شي إنه يتعين على الأحزاب السياسية أن تواجه بشكل مباشر المشكلات الرئيسية، مثل فجوة الثروة والتنمية، مع إيلاء اهتمام خاص ورعاية خاصة للدول والمناطق المتخلفة والشعوب الفقيرة. وعدّد شي مهام الحزب الشيوعي الصيني، من ادارة البيت الصيني بشكل جيد وضمان حياة سعيدة لأكثر من 1.4 مليار مواطن صيني، الى تعزيز السلام والتنمية للبشرية جمعاء، وتوحيد الشعب الصيني وقيادته للمضي في التحديث على النمط الصيني.
ومنذ انعقاد المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، تم انتشال 98.99 مليون مواطن ريفي يعيشون تحت خط الفقر الحالي، ما مكن البلاد من تحقيق هدف الحد من الفقر المنصوص عليه في أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، قبل 10 سنوات من الجدول الزمني المقرر. كما أن الدولة لن تدخر وسعاً لدعم التعاون الدولي ضد جائحة كورونا، ولتعزيز إمكانية الحصول على اللقاحات، والقدرة على تحمل تكاليفها في البلدان النامية، وستساهم بشكل أكبر في المعركة العالمية ضد تغير المناخ. وقال شي إن الحزب الشيوعي الصيني سيعمل بنشاط على تحسين الحوكمة العالمية، واضاف "علينا أن نقف معارضين لممارسة الأحادية المتخفية في هيئة التعددية وأن نقول لا للهيمنة وسياسة القوة"، مشدداً على ان الصين لن تسعى أبداً إلى الهيمنة أو التوسع أو مجال النفوذ.
محاولة القضاء على الحزب
يضم الحزب الشيوعي الصيني اليوم 91 مليون شخص، بيد أنه في الذكرى المئوية الاولى لمؤتمر الحزب الاول، الذي عقد في تموز 1921، حضره 12 مندوباً من سبع مناطق، وبعضوية 53 شخص. ساهمت الحركة الثقافية، الي بدأت مع مجلة "الشباب الجديد" التي أسسها شين دوكسيو، في تفكيك التقاليد الكونفوشيوسية لإخضاع الفرد للعائلة الأبوية، وحثّت على تشكيل ثقافة جديدة متسلحة بالعلم والديمقراطية.
كما سمحت حركة 4 أيار في فتح النقاش حول الأيديولوجيات المتنوعة من أجل معرفة كيفية إنقاذ الصين. وبعد الغاء امتيازات القيصرية في الصين عام 1918، جذبت الثورة البلشفية العديد من الصينيين، ذلك لمعارضة البلاشفة للإمبريالية، والتزامهم بالثورة العالمية، والقضاء على الرأسمالية، وتقديمهم نموذج حزب قوي مركزي، ومثال دكتاتورية البروليتاريا. وقد تُرجم أكثر من ثلاثين كتاب من أعمال لينين إلى اللغة الصينية، مقارنةً بعشرة أعمال فقط لماركس.
ساعدت الاممية الثالثة (الكومنترن)، بتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، وعلى انشاء رابطة الشباب الاشتراكي ومدرسة للغات الأجنبية لتجنيد الشباب الواعدين للذهاب إلى روسيا للتدريب السياسي.
عمل الحزب الشيوعي على التواصل مع العمال، وساهم في صياغة مطالب حول للأجور، وتنظيم اعتصامات، وإنشاء نقابات عمالية، في خضم الاضراب العام عام 1925، الذي دام لـ 16 شهراً، وهو واحد من الأطول الاضرابات في تاريخ الحركة العمالية العالمية.
بدأ الحزب الشيوعي الصيني التحضير لانتفاضة عام 1927، وفي إضراب استمر أربعة أيام حتى 22 شباط 1927، توقف آلاف الموظفين الصناعيين والتجاريين عن العمل. لكن محاولة الحزب للاستيلاء على السلطة فشلت، بعد ان شكلت لجنة خاصة من أعضاء الحزب القومي اليمينيين في المدينة، لمقاومة الحزب الشيوعي الصيني سياسياً وعسكرياً.
في 21 اذار، قرر الحزب الشيوعي الصيني أن يبدأ اضراباً عاماً وانتفاضةً مسلحةً. كانت السلطات البريطانية في المستوطنة الدولية منزعجة بما يكفي لإصدار أوامر للقوات بالنزول من الثلاثين إلى الأربعين سفينة حربية راسية في النهر.
طردت المجموعات العمالية، قوات أمراء الحرب من شنغهاي، وفي 22 آذار، وأعلن تجمع المواطنين تحرير المدينة. ووضع القادة خططاً لتشكيل حكومة بلدية راديكالية، وشرعوا اتحاد عمال شنغهاي العام، الذي يضم الآن حوالي 800 ألف عضواً. في ليلة 11 نيسان قامت الجمعيات السرية بضرب الميليشيات العمالية بشكل ممنهج.
كانت هذه بداية قمع اليسار. وبحلول 15 نيسان، أعلن الاتحاد العمالي العام مقتل 300 نقابي، واعتقال أكثر من 5500 آخرين. وكان هذا أول حمام الدم للقضاء على الحزب الشيوعي الصيني.
في 27 نيسان 1927، افتتح المؤتمر الخامس للحزب في ووهان، بعضوية 57 ألف، على الرغم من أن معظم هؤلاء انضموا منذ بداية عام 1927. كان حوالي نصف الأعضاء من العمال، وخاصة الشباب. ورغم استثمار الحزب بقضايا النساء وتحررها، الا ان النساء كنّ قلة في القيادة، ونسبتهن لا تتعدى الـ 8 % من الاعضاء.
مفكري الحزب الشيوعي الصيني
تعاقب على الامانة العامة للحزب كل من ماو تسي تونغ، ودينغ شياو بينغ، وجيانغ زيمين، وهو جينتاو، والأمين العام الحالي شي جين بينغ. خمسة أجيال من القادة في الصين، كان لكل منهم أفكاره الخاصة حول كيفية تفسير تعاليم أسلافه وتطوير تعاليم جديدة.
تطورت الايديولوجية الصينية مع تغير قادتها. روّج ماو تسي تونغ لثورة قادها الفلاحون، وبعد كانت الماركسية اللينينية مؤثرة في تأسيس الحزب الشيوعي الصيني قبل 100 عام، كان الحزب دائم التكيف مع الأيديولوجية في السياق الصيني، وطور أفكاره الخاصة.
اختلفت أفكار ماو، الأب المؤسس لجمهورية الصين الشعبية، فلسفياً حول كيفية تحقيق ثورة اشتراكية عن الماركسية اللينينية في بعض الجوانب. اذ بينما يرى الماركسيون اللينينيون أن العمال يجب أن يشكلوا العمود الفقري للثورة للإطاحة بالبرجوازية في المدن الصناعية، شجع ماو ثورة بقيادة الفلاحين، بدءاً من المناطق الريفية قبل محاصرة المدن تدريجياً، بما أشار اليه بـ "إحاطة المدن من الريف".
وراى أن الثورة ضد الرأسماليين يجب أن تنتصر بالعنف والدعم الجماهيري، وأن السلطة السياسية تنبت من فوهة البندقية.
أفكاره حول دوام الصراع الطبقي، جعلته ينقلب حتى ضد قادة الحزب الشيوعي في نقاط مختلفة، وترتبط هذه النظرية بالقفزة العظيمة للأمام بين عامي 1958 و1962، وبالثورة الثقافية.
بعد وفاة ماو في عام 1976، أصبح هوا جوفينج اميناً عاماً للحزب، لكنه لم يشكل أيديولوجيته الخاصة، لذلك يعتبر دينغ شياو بينغ، الذي أصبح الزعيم الفعلي للصين بعد ذلك بعامين، الزعيم الأيديولوجي لهذه الفترة.
ركز بينغ على إعادة بناء البلاد بعد الثورة الثقافية، مؤكداً على إصلاح السوق والتنمية الاقتصادية. وجادل بأن الاشتراكية لا تزال في المرحلة الأولية من التنمية، وأن البلاد يجب أن تنفتح على الاستثمار الأجنبي والتجارة، وكذلك السماح باقتصاد السوق.
وراى أن الصين يجب أن تتبنى مكانة بعيدة عن الأضواء وألا تأخذ زمام المبادرة تجاه القضايا العالمية، وكان أيضاً مهندس مبدأ "دولة واحدة ونظامان" الذي سمح لهونغ كونغ وماكاو بالاحتفاظ بأنظمتهما الاقتصادية والسياسية.
قدم دينغ عام 1979 "أربعة مبادئ أساسية" وهي: التمسك بالمسار الاشتراكي، التمسك بديكتاتورية الشعب الديمقراطية، التمسك بقيادة الحزب الشيوعي، والتمسك بفكر ماو تسي تونغ والماركسية اللينينية.
تم تعيين جيانغ سكرتيراً للحزب عام 1989، بعد حملة القمع في ميدان تيانانمين، لكن عهده لم يبدأ إلا بعد أن توقف دينغ عن المشاركة في الأنشطة العامة في عام 1992.
لجيانغ نظرية التمثيلات الثلاثة التي تقول أن الحزب يمثل مصالح الثقافة المتقدمة والقوى الإنتاجية المتقدمة، بما في ذلك رواد الأعمال من القطاع الخاص، والجماهير العريضة. وفي الممارسة العملية، ضم الحزب رجال الأعمال والمثقفين والطبقة الوسطىن الامر الذي عرضه للنقد لانها هذه النظرية تتعارض مع مبدأ الحزب المتمثل في تمثيل الطبقة العاملة والنضال ضد الرأسماليين، لكن جيانغ جادل بأنه كان يعمل فقط على توسيع الطبقة العاملة.
خلف جيانغ هو جينتاو، وتمتعت حقبته بأسلوب تكنوقراطي للحكم، مثله نظرته العلمية لنظرية التنمية. يؤكد هذا الموقف الأيديولوجي على التنمية الاقتصادية المستدامة والموفرة للطاقة بدلاً من النمو السريع على حساب البيئة.
شكلّ شي جينبينغ ثورة جديدة في الحزب، بعد توليه السلطة في عام 2012. عقيدة شي هي مخطط وطني من 14 جزءاَ، يهدف إلى مساعدة البلاد على تحقيق رخاء معتدل، ولكي تصبح الصين دولة "قوية وديمقراطية ومتحضرة ومتناغمة". وبلد اشتراكي حديث بحلول عام 2049، أي بعد 100 عام من تأسيس الجمهورية الشعبية. ويحدد شي أهدافاً مثل جعل الصين دولة ذات تأثير عالمي رائد، وتحويل الجيش إلى قوة "عالمية"، والقضاء على الفقر المدقع، والاستمرار في فتح أسواق البلاد وتوفير ساحة لعب متكافئة للشركات. وتتضمن سياسات توقيع شي أيضاً حملة شاملة لمكافحة الفساد، وزيادة التركيز على حماية البيئة، والمزيد من الحزم في الدبلوماسية.