النموذج الاقتصادي الليبرالي الريعي ضخّ خلال العقود الثلاثة الأخيرة كل الثروة وفائض قيمة عمل الطبقة العاملة والأجراء إلى جيوب حفنة من أصحاب المصارف والمليارديريين حتى بات التفاوت الطبقي في هذا البلد من النماذج الأسوأ في العالم. استعرت العنصرية ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين والأجانب الفقراء تحديداً. تعالت الفوقية في لبنان الصغير على أبناء الأطراف المهمّشين في باقي أنحاء لبنان الكبير. طرابلس وعكار وبشري والضنيّة والهرمل وراشيا وبعلبك ليست سوى مناطق ذمّة في أراضي الجمهورية، تتذكّرها الدولة في جباية الضرائب ومواسم الانتخابات النيابية وترسل إليها عسكرها قمعها وترويضها كلما ارتفع فيها صوت يقول كفانا ألماً واستغلالاً.
طرابلس يضربها الجوع مقابل ثروات بعض نوابها ووزرائها المتنفّذين. تتجاور فيها قصورهم الفاحشة المبنيّة من تعب العمال القاطنين في أحياء العوز. خرج أبناؤها في 17 تشرين وينتفضون اليوم بما أتيح لهم من وسائل التعبير والغضب، فتقابلهم السلطة السياسية والأمنية بالقنابل والرصاص، تماماً كما انقضّت على أبناء حي السلم قبل سنوات فأردت منهم عدد من شهداء الفقر والاستغلال.
يكاد يكون شعار قوى السلطة اليوم: لكلّ مواطن محتجّ رصاصة؛ فالمجرمون قرّروا في يوم الحساب أن يختبئوا خلف الرصاص الحي.