وفضحت هذه الدعوة المشاركين فيها الذين ادّعوا سابقاً أنهم مع الدول العلمانية أو أقلّه مع الدولة المدنيّة، لكنّهم سرعان ما انضووا في مشروع سياسي تقوده الكنيسة المارونيّة، وهم الذين كانوا يدّعون حرصهم على السيادة الوطنية فيما هم يطلبون التدخّل الدولي لضرب هذه السيادة من الأقربين والأبعدين.
والحياد في موقع لبنان هو تنكّر للقضية الفلسطينية، بأرضها وشعبها المهجّر اللاجئ، وكأنّه لا يوجد مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين يصرّون على العودة إلى أرضهم السليبة. والحياد استعادة منشّطة لشعار النأي بالنفس الذي ابتدعه الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي تحت حجّة تحييد لبنان عن الحرب السورية، فكانت نتيجته انخراط مختلف القوى السياسية في الصراع السوري، كلّ من موقعه، فيما كانت الدولة الرسميّة تقف إلى جانب ما تريده المملكة السعودية وإمارات الخليج في الجامعة العربية، وتنخرط في مشروع حصار الشعب السوري. كان النأي بالنفس اصطفافاً في محور الخليج الرجعي، وغطاءً ضمنياً كي يقوم كلّ فريق داخلي بخياره السياسي والعسكري دون إحراج هيبة الدولة الواهية.
خيارنا هو الانخراط والتفاعل والنضال في قضايا العربية والإقليمية على أسس واضحة لا لبس فيها، فلا حياد ولا وسطيّة ولا مساومة على خيارات القضية الفسطينية وتحرير الأراضي العربيّة المحتلّة، والوقوف إلى جانب الشعوب في نضالها ضد أنظمة التبعية والرجعية والاستبداد والطائفية، تماماً كما هو خيارنا في صراعنا الداخلي في لبنان.
ماذا عن الحياد الإيجابي؟
تنطّح البطريرك الماروني ليطلق ديناميةً سياسيةً جديدة / قديمة تحت عنوان الحياد الإيجابي وطلب عقد مؤتمر دولي حول لبنان، ليختزن هذا الطرح في طيّاته إعادة إحياء ما تبقى من فريق 14 آذار، وهو الذي كان، إلى جانب شركائه في فريق 8 آذار، جزءاً مكوناً وأساسياً من المنظومة الحاكمة التي قادت لبنان إلى الإفلاس والفقر الانقسامات المذهبية والتأزّم السياسيّ.
النداء 2024. حقوق المنادى فقط محفوظة.