العين على محور فيلادلفيا

محور فيلادلفيا أو ما يعرف بمحور صلاح الدين، هو شريط حدودي يبلغ طوله 14 كيلومتر ويمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، وهو نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة (فلسطين). وقد أنشئ عليه معبر رفح البري. يعد منطقة عازلة بموجب اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين مصر والعدو الاسرائيلي والتي نصت على انسحاب القوات العسكرية وفرض عدد معين من العتاد.

في أيلول عام 2005 وقعت اتفاقية فيلادلفيا والتي اعتبرت جزء من اتفاقية كامب ديفيد ونصت على سحب اسرائيل قواتها في إطار خطة فك الارتباط مع قطاع غزة بالإضافة الى نشر قوات مصرية على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة بهدف مكافحة الاعمال الغير الشرعية كالتسلل والتهريب وغيرها. إستطاعت حركة حماس من استرجاع حقها والسيطرة على محور فيلادلفيا مجددا وذلك في عام 2007 بعدما سيطرت على قطاع غزة.
الأطماع الإسرائيلية
بعد عملية طوفان الأقصى ظهرت الاطماع الاسرائيلية بمحور فيلادلفيا الغني أيضا بالغاز الطبيعي. ففي 13 كانون الاول 2023 استهدف العدو الاسرائيلي المحور بذريعة تدمير الانفاق التي تستخدمها المقاومة لتهريب الاسلحة ولكن تبين بعد تسريب كلام لنتنياهو في اجتماع مغلق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست بأن "إسرائيل" تهدف للسيطرة على المحور.
وفي 23 كانون الاول من العام نفسه شن العدو الاسرائيلي هجوما مماثلا بين معبر رفح وكرم ابو سالم ولكن تراجع العدو بعد اشتباك عنيف مع المقاومة الفلسطينية، كما استهدف جيش الاحتلال المعابر الواقعة على معبر فيلادلفيا لتؤكد طمعها في هذا الاخير وليس فقط تخوفها من حماس واسلحتها.
يعتبر العدو الإسرائيلي محور فيلادلفيا جزءًا مهمًا من استراتيجيته لتعزيز أمنه الاقتصادي والسياسي في المنطقة، ف"إسرائيل" تسيطر على حقول غاز ضخمة في المياه الاقتصادية لفلسطين المحتلة، هذا الغاز يشكل ثروة كبيرة يمكن تصديرها إلى أوروبا عبر محور فيلادلفيا.
وتأمل حكومة العدو في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة وزيادة صادراتها، مما يعزز اقتصادها ويقلل من اعتمادها على مصادر الطاقة الخارجية. كما تسعى إلى تعزيز نفوذها في منطقة شرق المتوسط، وتحويلها إلى مركز للطاقة في المنطقة.
ومن خلال السيطرة على جزء من مسارات الطاقة الحيوية التي تمر عبر محور فيلادلفيا، يضمن العدو دورًا مؤثرًا في أسواق الطاقة العالمية، مما يعطيه نفوذًا أكبر في السياسة الدولية.
بالتالي، يطمح العدو إلى أن يكون محور فيلادلفيا جزءًا من استراتيجيته لتحقيق التفوق الإقليمي، تأمين احتياجاته من الطاقة، وتعزيز تحالفاته مع دول أوروبا وشرق المتوسط.

محور فيلادلفيا وأهميته الجيوستراتيجية
يساعد المحور في تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، وهو هدف استراتيجي مهم للاتحاد الأوروبي خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية مع روسيا. ويوفر المحور مصدرًا إضافيًا وثابتًا للطاقة من منطقة غنية بالغاز الطبيعي، مما يساهم في تأمين احتياجات أوروبا المتزايدة للطاقة. بالإضافة إلى التأثير الجيوسياسي فيشكل المحور جزءًا من الإستراتيجية الأوروبية والأمريكية لموازنة النفوذ الروسي في قطاع الطاقة العالمي.
يجذب المحور استثمارات كبيرة في مجال الطاقة والبنية التحتية، مما يؤدي إلى خلق فرص عمل وتحقيق نمو اقتصادي في الدول المشاركة. ويوفر للدول المطلة على البحر المتوسط وسيلة لتصدير غازها إلى الأسواق الأوروبية المربحة. قد يثير المحور تنافسًا بين القوى الإقليمية الكبرى، مثل تركيا، التي تسعى أيضًا للسيطرة على موارد الطاقة في البحر المتوسط. يمتد المحور تحت البحر، ويربط بين حقول الغاز الواقعة في شرق البحر المتوسط، ويمر عبر عدد من الدول في المنطقة. ويُعتبر جزءًا من جهود إقليمية ودولية لتعزيز استقلالية أوروبا في مجال الطاقة.
الدور المصري
توترت العلاقات بين مصر والعدو الاسرائيلي بخاصة بعد استهداف اسرائيل برج مراقبة مصري. وأعلنت مصر رفضها التام لوجود أي قوات إسرائيلية بمحور فيلادلفيا القريب لحدودها، حيث لا يحق لإسرائيل حسب الاتفاقيات الموقعة بين البلدين مخالفة الترتيبات الأمنية القائمة من دون موافقة مصر.
وفي 10 كانون ثاني من العام الحالي، ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن القاهرة رفضت طلباً من تل أبيب بأن تتولى إسرائيل تأمين منطقة محور فيلادلفيا. ونفت مصر في وقت سابق صحة تقارير نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال حول تعاونها مع إسرائيل لنشر أجهزة مراقبة واستشعار في محور فيلادلفيا.

# موسومة تحت :
  • العدد رقم: 424
`


ميرا عيسى