لا تزال حكومة "الاختصاصيين"، تتجاهل صرخات الطلاب اللبنانيين في بلاد الاغتراب، وعائلاتهم التي تعالت منذ ثلاثة أشهر مع تفاقم الأزمة النقدية جرّاء السياسات المتبعة في المصارف اللبنانية بعد تعميمات المصرف المركزي، التي ما زالت تحتجز أموال المواطنين، ولا سيما أصحاب الإيداعات الصغيرة منهم. ناهيك عن أزمة سيولة الدولار وارتفاع أسعار الصرف، مما يترك الأهل عاجزين عن إرسال المصاريف لأولادهم.
يُظهر الفلسطينيون مدى عزيمتهم وإصرارهم على تشبّثهم بحقوقهم وأرضهم، وها هم بالمرصاد لوباءين "الكورونا" والاحتلال الصهيوني الذي يعتبر الأشد خطراً وإجراماً من الفيروس.
لم ينتظر اللبنانيون المنتفضون في الساحات للشهر الخامس على التوالي، من حكومة لم يمنحوها الثقة أصلاً، التصريح الذي سمعوه على لسان رئيسها حسان دياب أمام أعضاء السلك القنصلي في السرايا الحكومية في الثاني من آذار الجاري، معرباً عن أسفه لأن "الدولة اليوم لم تعد في ظل وضعها القائم قادرة على حماية اللبنانيين. وهي في مرحلة ترهّل إلى حدّ العجز. والوطن يمرّ بحالة عصيبة جداً. واللبنانيون قلقون على حاضرهم ومستقبلهم، والخوف يتمدد من الوضع المالي إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى الهموم الصحية الداهمة... وبكل شفافية فقدت هذه الدولة ثقة اللبنانيين بها".
تتزامن أزمة لبنان المالية والاقتصادية مع استحقاق تسديد ديون خارجية (اليوروبوندز) بقيمة مليار و200 مليون دولار في التاسع من آذار المقبل. ويتابع لبنان وسط فوضى عارمة تكرار سيناريوهات السياسات الاقتصادية المتبّعة منذ سنوات طويلة والتي أوصلت البلد إلى مستوى غير مسبوق من الانهيار.
في اليوم الثالث والثلاثين على التكليف، وبعد مخاض عسير، وصراع محتدم بين قوى الثامن من آذار، تمحور حول إصرار جبران باسيل على الثلث المعطِّل، والحزب "القومي" على التمثّل على أساس طائفي معيّن، وسليمان فرنجية على وزيرين، وطلال أرسلان على وزيرين للدروز. تلك التحاصصات الطائفية والسياسية كادت أن تطيح باحتمالات التأليف نهاراً ولا سيما بعد إعلان رئيس تيار المردة فرنجية أنه خارج الحكومة مانحاً إيّاها ثقته، محمِّلاً باسيل مسؤولية عرقلتها، إلاّ أن الاتصالات المكثّفة بين فرقاء البيت الواحد نجحت مساعيها ونال الجميع ما أرادوا، إلّا "القومي" الذي فضّل الانسحاب.
ودّع اللبنانيون عام 2019، واستقبلوا العام الجديد في ساحات الاعتصام، مؤكّدين مواصلة "انتفاضة 17 أكتوبر" لليوم السابع والسبعين على التوالي وسط إصرار ومثابرة لتصعيد الاحتجاجات الشعبية على المصارف والمؤسسات العامة والسلطة السياسية من جهة، ومماطلة ممنهجة من قبل الأخيرة وتجاهلها المعتمد لمطالب الشارع من جهة أخرى.