يمكن استخدام هذا العنوان لوصف مسار التحولات الاجتماعية والسياسية التي أُنزلت بمصر منذ هزيمة 1967 والتي تكاثفت بموت عبدالناصر وصولاً للمرحلة الراهنة. التفكيك الذي هو ضرب شكل معين من تنظيم المجتمع المصري أنتجته تحولات ما بعد يوليو 1952، والذي يمكن اعتبار أنه – عناصر التفكيك – كانت كامنة في شكل هذا التنظيم ذاته وبنيته وجوهره.
لم يعد الأول من مايو/آيار مناسبة احتفالية لإحياء تضحيات عمال شيكاغو الذين أعلنوا إضراباً لتحديد يوم العمل بثماني ساعات ففتحت عليهم الشرطة النار وارتكبت مجزرة مروعة بحقهم، فصار هذا اليوم يوماً للطبقة العاملة عالمياً، إن يوم العمال العالمي ليس الأول من مايو فقط، فالمجزرة التي يرتكبها الرأسمال الدولي بحق الطبقة العاملة مستمرة على مدار العام. وتحل ذكرى الأول من مايو هذا العام في ظل ظروف شديدة القسوة تشهدها الطبقة العاملة العربية ضمن كافة الطبقات المنهوبة في العالم العربي، كجزء لا يتجزأ من الطبقات المنهوبة على مستوى العالم والخاضعة لسياط منظومة الإمبريالية الدولية المأزومة.
عبر 135 يوماً من المجزرة الصهيونية في قطاع غزة، يتردد في الفضاء العربي مصطلح "الشلل العربي" إزاء ما يتعرض له القطاع من إبادة جماعية، الشلل الذي يوحي بالسلبية هو مصطلح لا يصف بدقة الدور العربي إزاء المجزرة، إن الشلل الذي هو حالة طبية يعجز المريض بها عن الحركة أو عن أداء وظائفه الطبيعية، فهل ما يمارسه المحيط العربي عجزاً أم إرادة قاطعة وشديدة الوضوح في انحيازها.
في القسم الأول من هذه الدراسة، تابعنا مع الكاتبين فريدي ماجدوف وجون بيلامي فوستر، عرضاً للجذور التاريخية للركود باعتباره الحالة المزمنة التي يعانيها الاقتصاد الإمبريالي الجانح دوماً نحو الأمولة باعتبارها مخرجه الوحيد من أزمة التراكم الزائد، هذا العرض الذي لابد من وجهة نظر ماركسية أن ينتهي باستنتاج مفاده انغلاق مستقبل النظام وإن بدا قادراً دوماً على إيجاد مخرج ما من أزماته الدورية التي هي جزء في أزمة هيكلية شاملة.
إذن هي ستة وثلاثون عاماً مضت على اغتيال مهدي بأيدي قاتله المعلوم المجهول في قلب بيروت الجريحة الصامدة، ستة وثلاثون عاماً من الغياب المر والحضور الذي لا ينقطع لأحد أنجب الماركسيين العرب عبر تاريخ الماركسية العربية كله ولعل اغتياله دليل إضافي على هذه الحقيقة التي تنتصب واضحة في مجمل مشروعه الفكري ودوره النضالي الذي تخطى حدود التنظير إلى الانخراط الحية في الممارسة الثورية عبر حزبه.
في وضع عالمي مأزوم تعصف به مواجهات عسكرية مفتوحة، وعلى خلفية أزمة اقتصادية معممة وتبدلات جيوسياسية يزداد تبلورها وضوحا، وتزامناً مع عيد العمال العالمي نقدم هذه الترجمة للعامل والفلاح العربي، كل من يجد نفسه تحت وطأة ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية شديدة الاختلال والإجحاف، لكل قارئ عربي يعي أو لا يعي أن معاناته اليومية هي المحصلة النهائية لأزمة هيكلية تضرب بجذورها عميقاً في بنية النظام الإمبريالي العالمي، لكل من يكدح فينتهي ناتج كدحه إلى توسع هائل في الثروات الاحتكارية، بالتوازي مع توسع غير محدود للبؤس والفاقة في طرف الكادحين.