يعاني الكثير من العمال من عدم القدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية كالغذاء والسكن الكريم، مما يضعهم في موقف حرج يفتح الباب أمام العديد من التّحديات الصّحية والاجتماعية. وعلى السّلطات والمؤسسات الحكومية أن تتحملُ مسؤولياتها في تقديمِ الدّعم اللازم للعمال. يجبُ على القيادةِ السّياسية أن تتخذُ إجراءات فعّالة لتعزيز فرص العمل وتحسين الأوضاع الاقتصادية العامة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتوفير مستقبل واعد للطبقة العاملة.
صوت العمال: وسيلة كفاح من أجل البقاء..
" البلد على حالو.. بس يمكن نحنا لتغيرنا.." هكذا عبّرَ أبو دانيال بائع الخضار في إحدى شوارع بيروت، وقال: "الدّولة نائمة والشعبُ يعيشُ وحيداً" بحيثُ أكّدَ على صعوبة المعيشة والمصاريف الكثيرة الذي يحتاجها وأسرته وبخاصةٍ بعدَ دولرة الأسعار. وأضاف:" نعتمدُ على تحويلاتِ أولادنا المغتربين، فهي التي تنقذنا حتى نستطيع الصمود". وشدّدَ على أن الأمل باقٍ على الرغمِ من الأزمات والوضع المتأزم.
وعلى الجهةِ الأخرى من الشّارع، يقفُ عجوزاً على بسطةٍ يبيعُ عليها الفواكه، متّكئٌ على وحدتهِ، يقاومُ التّعبَ بعيونٍ حالمة تسافرُ به بعيداً عن واقعه المرير. حدّثنا عن صعوبة العيش وبأنَّ "الأوضاع الاقتصادية السيئة مما يصعّب عليه تحقيق دخل كافٍ لتأمين كافة الاحتياجات". يشتكي من ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية، مما يجعل من الصعب عليه تحمل تكاليف المعيشة اليومية.
تتجلى قصص العمال في ضوء الصّراع اليومي من أجل البقاء وعدم الاستسلام. فـ "هبة" وهي عاملة في محل لبيع الثياب أعلنت عن عدم اكتفائها بالراتبِ الشهري وتسعى إلى إيجاد عمل إضافي لتتمكن على حدِ قولها من تأمين عيش كريم. وأضافت بأنَّ: "تكلفة المواصلات باتت عالية ومكلفة حتى أنني أعمدُ أحياناً إلى السيرِ على الأقدامِ بدلاً من التاكسي أو الفان للتّوفير طبعاً".
وأكّدت بأن في هذه البلاد يجب الحصول على دخلٍ جيد ومعاملة حسنة، ففي هذه الأزمة وفي ظل ارتفاع الأسعار، يجبُ زيادة المداخيل للعمالِ لمساعدتهم على المثولِ أمام الشّدة.
عبق الدّموع وراءَ الابتسامات...
"لحظات السّعادة بهالزمن.. هربانة".
تفتقدُ شوارع بيروت اليوم الأمل الذي سرقتهُ أزمات الوطن الحزين، ففي قلبِ العمال حكايات وذكرى، والكثير من التعبِ. فهذه رحلة كرامة، يحاولون من خلالها رفض الذل والاصرار على العيش في بلد لا يحترم أدنى حقوقهم ففي عيد العمال يعملون ويحاولون الهرولة نحو المستقبل بنظرة أمل يواجهون بها البرجوازية التي تغتال معيشتهم الكريمة فيقاتلون للوصول الى العدالة الاجتماعية.
أبو طارق يعملُ في محل عصير، أعلنَ عن فقدانهِ الأمل بالتغييرِ وقال:" الأوضاع لا تتحسن، والعمل يبقى صعبًا ومرهقًا دون فائدة تذكر. أشعر أحيانًا أنني محاصر في دائرة لا نهاية لها، دون أي أمل في رؤية غدٍ أفضل".
وأكّدَ على أنه يعاني من صعوبة تسديد أجار منزله، وتسديد الفواتير الأخرى كالكهرباء وغيرها، يظهر أبو طارق محاولاً التّصدي لهذهِ التّحديات بكل ما أوتي من قوة، ولكن الضغوطات المالية تبدو مثل "جبل لا يمكن تجاوزه".
ترتسم صورة مؤلمة في مشهد الحياة السياسية، حيث يتفشى الفساد وينخر في جوانب الحياة العامة، وسط تقاعس وتواطؤ من الزعماء وقلة الوعي من جانب الشعب. فالمسار الذي يسلكه القادة يتسم بالتلاعب والانحياز، متجاهلين مطالب وحقوق الشعب. يشكلُ الفساد السياسي عائقاً كبيراً أمام تحقيق التقدم والازدهار، ولكن يجب على الشعب الوقوف بوجه هذه الظاهرة ويطالب بالإصلاح والتغيير.
بمعول ومنجل يرسمون أحلاماً يناقضون بها الواقع فيخيطون أمالاً تضيء لهم الطريق لمستقبل أفضل، فالطبقة العاملة هي أساس المجتمعات.
في عالم مليء بالصعاب، يبقى العمل هو الحلقة الاساسية. تتراقص الحياة بين متاهات التحديات وأشواك اليأس، وفي هذا السياق، تتجسد قصص العمال كمناراتٍ من الأملِ في بحر الظلام. فهم يمثلون الروح القوية التي تتحدى الظروف وتتغلب عليها، ليذكرونا بأن الأمل لا يموت ما دامت الإرادة موجودة والإصرار سيد الموقف.