هم أطفال فلسطين الصغار الذين يكبرون قبل أوانهم، ويواجهون الاحتلال منذ نعومة أظفارهم دفاعاً عن الأرض والشعب والحقوق...
في "يوم الطفل الفلسطيني"... لا يسعنا إلّا أن نستذكر "حنظلة"، طفل فلسطين العنيد الثائر الذي لن يكبر، وسيواصل نضاله حتى تحقيق "حق العودة". وعن توصيفه قال الشهيد الفنان المناضل ناجي العلي: "ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائماً في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء". وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: "كتفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأميركية في المنطقة، فهو ثائر وليس مُطبِّع. وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب: عندما تصبح الكرامة العربية غير مهدّدة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته".
تواصل سلطات الاحتلال الصهيوني نهجها في ممارسة الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، وحتى الطفل الفلسطيني ليس بمعزل عنها ولم تشفع له طفولته أو تحميه الاتفاقيات الدولية منها؛ بل نرى انتهاكات الأطفال في مقدمة الضحايا؛ رغم الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية التي تضمن حقوق الأطفال، وفي مقدمتها "اتفاقية حقوق الطفل"، التي تنادي بحق الطفل بالحياة والحرية والعيش بمستوى ملائم، والرعاية الصحية والتعليم والترفيه واللعب والأمن النفسي والسلام.
هيئة الأسرى: اعتقل أكثر من 16000 قاصر...
عشية "يوم الطفل الفلسطيني"، أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين، يوم الأحد 4 أبريل/نيسان الجاري، أن سلطات الاحتلال الصهيوني اعتقلت منذ العام 2000، أكثر من 16000 طفل فلسطيني قاصر دون سن 18 عاماً، وأن أكثر من 85 % من هؤلاء تعرّضوا لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب أو التنكيل الجسدي والنفسي على أيدي قوات الاحتلال والمحققين الصهاينة.
وأشارت الهيئة في تقرير لها بمناسبة "يوم الطفل الفلسطيني"، أنه ما يزال يقبع في سجون الاحتلال الصهيونية 140 طفلاً قاصراً موزّعين بين سجنيْ عوفر ومجدو، إضافة إلى مراكز التحقيق والتوقيف.
وشدّدت على "أن اعتقال الأطفال الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال أصبح هدفاً ممنهجاً لاستهداف مستقبل الطفولة الفلسطينية، حيث يترك ذلك آثاراً نفسية واجتماعية وصحية قاسية عليهم وعلى مستقبلهم، وأن هدف حكومة الاحتلال بذلك تدمير المجتمع الفلسطيني والأسرة الفلسطينية من خلال اعتقال الأطفال وحرمانهم من حياة الطفولة".
وكشف تقرير الهيئة عن الأساليب الوحشية التي يتعرّض لها الأطفال والتي تنتهك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل العالمية ومعاهدة مناهضة التعذيب وقواعد حماية الأحداث المجرّدين من حريتهم واتفاقية جنيف الرابعة، ومن هذه الأساليب التي وثّقها محامو الهيئة خلال زياراتهم للأطفال الأسرى هي الضرب المبرّح والوحشي، الحرمان من النوم وقضاء الحاجة، العزل مدة طويلة، الشبح بأشكال مختلفة، عدم السماح لأحد الوالدين حضور التحقيق، التعرية من الملابس، الشتائم البذيئة والمهينة، وإطفاء السجائر في أجسام الأطفال، والتهديد باعتقال أحد الأقارب والحرمان من العلاج وفرض إقامات منزلية وإبعاد بحق أطفال القدس، وإصدار أوامر اعتقال إدارية بحق الأطفال وغير ذلك من الأساليب المخالفة للقانون الدولي الإنساني.
العنف الجسدي...
بدورها، أكَّدت الحركة العالميّة للدفاع عن الأطفال، في فلسطين، في تقرير لها أصدرته يوم الأحد 4 أبريل/ نيسان الجاري بمُناسبة "يوم الطفل الفلسطيني" أيضاً؛ "أنّ 85% من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين تعرّضوا للعنف الجسدي من قبل قوات الاحتلال الصهيوني خلال فترة اعتقالهم (68% كانت أياديهم وأرجلهم مقيدة بالأصفاد و91% كانوا معصوبي الأعين)، وفقاً لإفادات 79 طفلاً معتقلاً من الضفة العام الماضي جمعتها الحركة ووثّقتها.
وأوضحت الحركة في تقريرها، أنّ سلطات الاحتلال الصهيوني تواصل انتهاكاتها بحق الأطفال الفلسطينيين برغم انتشار جائحة "كورونا"، حيث تمّ اعتقال غالبيتهم أي نحو 57%، من منازلهم ليلاً، ولم يتم إخبار 76% منهم عن سبب الاعتقال.
ووثّق التقرير 27 حالة احتجز فيها الاحتلال أطفالاً في العزل الانفرادي لأغراض التحقيق لمدة يومين أو أكثر، وهي ممارسة ترقى إلى التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية..، مضيفة أن أطول فترة عزل انفرادي وثّقتها الحركة العام الماضي كانت لمدة 32 يوماً، لافتةً إلى أنّها وثّقت منذ تشرين أول/ أكتوبر 2015 وحتى اليوم، إصدار أوامر اعتقال إداري بحق 36 طفلاً، إثنان منهم ما زالا رهن الاعتقال الإداري.
كما أكَّدت الحركة أنّ الأطفال الذين تعتقلهم قوات الاحتلال ويحاكمون في نظام المحاكم العسكرية الصهيونية يسلبون من حق حضور محامٍ، أو أحد أفراد الأسرة أثناء الاستجواب.
وتناول التقرير حال الأطفال داخل المعتقلات وسط انتشار جائحة "كورونا"، مشيراً إلى "أنّ الأطفال الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال يعيشون غالباً في ظروف صحية سيئة، ويفتقرون إلى الموارد والأدوات التي تمكّنهم من الحفاظ على النظافة الأساسيّة، بما في ذلك مواد التطهير والتعقيم التي تحدّ من انتشار الفيروس".
وشدّدت الحركة على أنّ الاحتلال واصل استهداف الأطفال بغرض القتل أو الإصابة، فقتل خلال العام الماضي 9 أطفال، تتراوح أعمارهم بين (14 و17 عاماً)، 7 منهم في الضفة الغربية وإثنان في قطاع غزة، بينما قتلت منذ بداية العام الجاري طفلاً في محافظة سلفيت.
وأشارت إلى "أنّه وبموجب القانون الدولي، فلا يمكن تبرير القوة المميتة المتعمّدة إلّا في الظروف التي يوجد فيها تهديد مباشر للحياة أو إصابة خطيرة"، ومع ذلك، تُشير التحقيقات والأدلة التي جمعتها الحركة العالميّة للدفاع عن الأطفال إلى "أنّ قوات الاحتلال تستخدم القوة المُميتة ضدّ الأطفال الفلسطينيين في ظروف غير مبرّرة، وقد ترقى إلى القتل خارج نطاق القضاء أو القتل العمد".
ومنذ شهر تشرين أول/ أكتوبر عام 2015 وحتى اليوم، اعتقل الاحتلال أكثر من 37 طفلاً إدارياً، ما يزال ثلاثة منهم رهن الاعتقال الإداري، هم: الطفل أمل نخلة من مُخيّم الجلزون للاجئين الفلسطينيين، وسليمان سالم قاسم قطش، وفيصل حسن شاهر العروج.
واستناداً إلى سجلات سابقة للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال..، ارتقى 9 أطفال شهداء خلال عام 2020، وكانت حصيلة الأطفال الشهداء 28 طفلاً خلال العام 2019.
هو قدر أطفال فلسطين أن يولدوا كباراً ويعيشوا رجالاً أحراراً حتى داخل المعتقلات، ليؤكدوا لنا بأن فلسطين ستبقى القضية... في زمن تخاذل الأنظمة العربية وهرولتها نحو توقيع اتفاقيات العار بالتطبيع مع العدو الصهيوني...
هم سيواصلون نضالهم، ليسترد أطفال الأجيال القادمة طفولتهم وحقوقهم، ويكبر "حنظلة" في فلسطين بعد تحريرها، ليصبح جداً يروي لأحفاده خارطة استرجاع الوطن...