لا، الأمر "ليس سيّان ولا يُشابه ولا تجوز المقارنة فيه". انتصار "النقابة تنتفض" جاء على وهج انتفاضة 17 تشرين التي أفرزت تياراً شعبياً واسعاً مناهضاً بشدة لهذا النظام وقواه المذهبية على اختلاف أنواعها وألوانها. لائحة "النقابة تنتفض" خاضت معركةً جذريةً وحاسمة على أساس برامج لا أشخاصَ .. على كلّ المواقع من المندوبين إلى أعضاء مجالس الفروع وصولاً إلى عضوية مجلس النقابة وانتهاءً بالنقيب، وفازت في كل هذه المواجهات دفعةً واحدة دون تحالفات أو تنازلات مع قوى السلطة الحاكمة.
الاستحقاقات الماضية على أهميتها، لم تكن مواجهة سياسية ذات فرز عامودي، وكان أبرز إنجازاتها انتخاب نقيب ديمقراطي محاصَر من أزلام القوى الحاكمة التي تتناتش وتتناهش مجلس النقابة. اليوم المعركة اكتملت، وحملت معها إقصاءً شاملاً للأحزاب الحاكمة من قيادة نقابة المهندسين، وتحرير النقابة عملياً من سطوتهم وهيمنتهم.
ولا شكّ أن التفاعل الجماهيري الوطني الواسع مع هذا الانتصار شكّل انخراطاً اجتماعياً أوسع من المهندسين في الترقّب والتعاطف والتوق إلى إلحاق هزيمة أو توجيه صفعةٍ لقوى السلطة التي ما فتئت تصفع اللبنانيين يومياً على مدى عقود، وهكذا كان.
لن نرمي آمالاً زائفةً على هذا الانتصار، بل علينا أن نضعه في سياقه الموضوعي الهام والاستثنائي، ولكن الناقص إذا لم يتبعه انتصارات في المعارك والاستحقاقات الديمقراطية المقبلة، من نقابات عمالية ومهنية وروابط وبلديات وصولاً إلى معركة قانون الانتخاب والانتخابات النيابية نفسها. وهذه الاستحقاقات لا يمكن خوضها دون استمرار المواجهة الشعبية والميدانية في الشوارع والساحات، ودون المراكمة في المواجهة السياسية والإعلامية والايديولوجية ودون الوضوح والحسم في الموقف ضدّ قوى السلطة ونظامها الطائفي الريعي في كلّ مكان وزمان.