تختفي الابتسامة عن وجه طفل يستعد للعودة الى مدرسة، أمام سعر شنطة مدرسية واحدة تعادل معاش والده الموظف.
تنطفئ ومضة الضوء في عيني صبيةٍ تتحضر للالتحاق بالجامعة، تحلم بتخصص يمهد لمهنة المستقبل، فلا جامعة وطنية السنة ولا قدرة على أقساط الجامعات الخاصة والسفر أصبح حلم يقظة.
تتجمد الكلمات في فم مدرسٍ عاجزٍ عن استعاب تدهور قيمة معاشه الشرائية، وتساوه مع كلفة مواصلاته أبان استعداده للعودة الى مدرسته في بلد التضخم المتسارع الذي تخطى ١٠٠٪، ومع هيكل شبكة مواصلات عامة متداعي.
ترتجف خطوات متقاعد من زيارة مصرف حجز على شقى عمره وضمانة شيخوخته في بلد ليس فيه قانون ضمان شيخوخة.
تجف الدموع في مقلتي أم تعجز عن دفع مسبق للمستشفى في بلد لا ضمان الصحي والصناديق الضامنة العاجزة.
تتوقف الحياة في لحظة انفجار مجرم يطيح بما تبقى من أمل. تكتسي المدينة بغبار أسود يتغلغل عميقاً في رئتيها، مدينة تنشد العدالة وتطالب بإسقاط كل الحصانات والمحاسبة.
نحن اليوم في سقوط حرٍ نحو نهاية نظام ما زال رغم عجزه المخيف وعدم قدرته على الحكم قادر على التلاعب بمصير شعب انتقل اليوم الى أكبر موجة هجرة بعد الحرب العالمية الأولى.
نظام طائفي يراهن على الخارج من شرق وغرب لتحصين قواعده المخلخلة، يراهن على تناقضات وإرهاصات المحاور المتنازعة من أجل التمسك بما تبقى من قمع يمارسه في سياسات تخون ١٧ تشرين والشعب المنتفض وتحمله نتائج، سياساتهم وفسادهم وسرقاتهم. بلد السلم المرهون بتوافق طائفي يحكمه ميليشيات الماضي، تحلم بالاستلاء على شارع ما للعودة الى زمن الخوات، شبيحة الطوابير والبونات والافران والنفط.
ترعبهم انتفاضة الشعب رغم ضمورها وتراجعها فهي الخطر الأكبر الذي يهدد هذا النظام الطائفي، الخوف كل الخوف من المساس بتوازناتهم وميثاقهم وتحاصصهم.