يصبّون جام غضبهم على الفقراء والطبقة الوسطى ليحملوهم أكلاف الانهيار الذي تسبّبت به سياساتهم وأرباحهم الفاحشة وفسادهم على مدى عقود. الأزمة التي يعانيها الشعب اللبناني هي فرصة لهم وليست أزمة. هي محطة لتحقيق المزيد من الربح كما يحصل اليوم.
فبعد أن صفوا مدخرات الناس ونهبوها، خاصة أولئك الذين عملوا لعقود لتأمين تقاعدهم أوحد أدنى من الأمان الاقتصادي، وبعد أن تركوا الناس في مهبّ الريح لتحمّل أعباء انهيار سعر الصرف، وبعد أن هربوا دولاراتهم وحولوها إلى دولارات نقدية طازجة فصارت ذات قيمة نسبية أكبر في السوق المحلي، وبعد أن قاموا بكل ما أوتيوا من قوّة لمنع أي تغيير أو إصلاح، ها هم يستكملون حربهم المجرمة حتى معركتها الأخيرة.
حاجات أساسية لكل منزل صارت استنزافاً واستفزازاً لمعظم اللبنانيين: جرة غاز منزلي تقارب 290 ألف ليرة، وكذلك مازوت التدفئة فيما الخبز اليومي صار ب 10 آلاف ليرة. كل هذا الذبح البطي ترافقه وعود ببعض التصحيحات في الأجور لكن على شاكلة منح وهبات هزيلة من خارج الراتب. يريدون تجويع الناس عبر الربط بين تطيير أسعار السلع الأساسية ورفض تعديل الأجور.
أي بلد يبلغ الحد الأدنى للأجور فيه أقلّ من ثمن جرة غاز وصفيحة بنزين؟
هي حرب طبقية يقودوها مجرمون معروفون، يقيمون في قصورهم العامة أو الخاصة. هم رؤساء ونواب ووزراء حاليون وسابقون. هم يرأسون أحزاب ومجالس ادارات ويملكون مصارف وعقارات وفنادق ويسجلون وكالات حصرية لهم بالوراثة. هم يطلّون على شاشات التلفزة في البرامج اليومية المدفوعة. هم يكتبون الخطب ضد الامبريالية فيما هم يمارسون استغلالها ووحشيتها ضد شعبهم. هم يفاوضون على ثروة لبنان النفطية كي يبيعوها في بازار التسويات وتحت ستار التطبيع. هم زمرة مجرمة تحمي بعضها البعض.
هم الطبقة الحاكمة، ولو قدّر للعدالة الشعبية أن تأخذ مجراها لسحلهم الناس في شوارع المدن وأزقتها.