وفي 17 تشرين، احتلت النساء الشارع، وصدحت أصواتهن ضد التحرش والاغتصاب والقمع والتهميش. طالبت النساء يومها بوطن خارج الابوية، رُفعت شعارات ونُظمت حلقات نقاش نسوية، وانتشر الخطاب النسوية، وشعر الناس بقدرتهم وقوتهم في القول لا.
وبعد عامين، وقفت طالبات ثاوية جورح صرّاف في منطقة أبي سمراء في طرابلس بوجه استاذ متحرش، وادارة ذكورية غطت على ممارساته، في نموذج منتشر في مدارس وجامعات ومؤسسات، حيث يستخدم الرجال سلطتهم للتحرش والاستغلال الجنسي. ما حصل في طرابلس ليس مجرد عقاب للاستاذ المتحرش، هي خطوة عملية أولية في وجه نظام يعمل لاخضاع النساء وأجسادهن لسيطرته، هي بداية مشجعة لكل إمراة أجبرت على ممارسات لا تريدها، لكل فتاة تحتفظ بمعاناتها من جراء تحرش استاذها بها، لكل امراة امتنعت عن العمل بسبب مديرها، وكل النساء اللواتي ضربن وقتلن لانهن لم يخضعن للسلطة الابوية.
"نصدق الناجيات". كتبت على جداران ثانوية جورج صرّاف، ويوم دافع المدير عن سامر المولوي، راكم غضباً وحقداً عن الطالبات، انفجر بوجه، فاقتحم الطلاب مكتبه مرددين شعار "ذكوري ذطوري"، ورافضين وقف تحركاتهم الى حين محاسبة المدير بدوره. أوقف الاخير عن العمل، وهذا ليس مجرد اجراء اداري، بل ترجمة لقوة الطالبات والطلاب حين رفعوا الصوت بعد سنوات من قمعهم لمصلحة المولوي.
الإيمان، بتعريفه، يعني وضع حقيقتك، ثقتك وإيمانك في شيء ما، حتى في مواجهة دليل غير كافٍ أو عدم وجود دليل على الإطلاق. نصدق الناجيات لانه من الصعب البوح علناً بما تتعرض له النساء، وخاصة الشابات والفتيات، في ظل نظام يسال النساء عما اقترفهن ليتم التحرش بهن. لو لم تمتلك الطالبات اثبات لرسائل نصية بعث بها الاستاذ لما تشجعن لفضحه. لولا "الاثبات" كان سيُاقل انها حملة ممنهجة، وقد يتم مقاضاة الطالبات بتهمة التشهير. نصدقهن لانهن يقفن في وجه وجه نظام متجذر يقوم بالقاء اللوم على الضحية.