العيد الستين للحزب وَبَعْـــــــد.. فـــــــإلى الفَـــــــرح الأكبر
فإلى الفرحِ الأكبر يا شعبَنا، يا حزبَنا، يا شهداءَ شعبِنا وحزبِنا .. يا أبطالَ المقاومةِ الوطنيةِ اللبنانية في ساحاتِ وطننا ..
رحلتكَ، يا وطني، تبحر من ميناء الليل الجليدي، تاركةً زمن البحّارة المتسكّعين في مواخير المدينة القديمة، يتوارى في أنقاض مدينتهم الخَرِبة.
رحلتكَ، يا وطني، تُبحر في نوافير السواعد المترعة بأشواق عينيكَ.. تُبحر في حناجر "السنونو" الجديدة المرتوية بوهج جراحكَ.
أنتَ تُبحر، "يا وطني"، إلى براعم المدن الموعودة أن تتفتّحَ تحت شراعكَ عصراً جديداً لوطنٍ جديد.
رحلة التّحوّل والصيرورة، رحلتكَ " يا وطني".
إنها الرحلة المنبثقة، كالينبوع، من خميرة الحياة في جسد لبنان، لصيرورة لبنان جسداً جديداً يدخل في زمن البشارة والولادة.
إنها القافلة المندفعة بعزم السيل، حُبلى بمواعيد التّحوّل والصيرورة:
صيرورة لبنان - الأرض وطناً، لا متجراً وماخوراً ومحطّة " ترانزيت" .
صيرورة لبنان - الإنسان شعباً، لا "شاحنة" أرقام بشرية مسجّلة في السرايات ودوائر النفوس والبلديات، لحساب وكلاء "الشركات" الإقطاعية والطائفية والعشائرية والعنصرية والفاشية، ولحساب سماسرة الرئاسات والنيابات والوزارات و"تمديداتها".
صيرورة لبنان - الوطن والشعب، كوكبة طليعية في قافلة التحرّر الوطني العربية وفي موكب الكفاح الديمقراطي على طريق الثورة الاشتراكية.
رحلتكَ، يا وطني، لن تعود إلى ميناء الليل الجليدي. لن تعود إلى زمن البحارة المتسكّعين في مواخير المدينة القديمة، العفِنة.. لن تعود.
أتذكُر، يا وطني، زمن كانت الرحلة تمخر عباب الظّلمات، وكانت منارة الشاطئ بعيدة بعيدة، يحجبها العباب، وتمزّق العاصفة أضواءها النائية؟
أتذكُر، يا وطني، كم كانت الرحلة، يومها، تصارع تماسيح الظلام.. وكم كان بحّارتها الأشدّاء يدفعون بأكتافهم ثقلَ المسافات، والمسافات مشدودة إلى صخور الظلام لا تتحرّك، لا تتزحزح مدى شبرٍ إلى أمام؟
لكنّما البحارة الأشدّاء كانوا أقوى من العباب والعاصفة.. كانوا أقوى من إصرار التماسيح وأصلب.. كانوا أقوى من يدَعوا المسافات مشدودة بثقلها إلى الصخور لا تتزحزح.
... واندفعت المسافات سريعة، وخرجت الرحلة من بحر الظلمات، وهي الآن تُبحر في نوافير السواعد المُترعة بأشواق عينيكَ يا وطني، وفي حناجر "السنونو" المرتوية بوهج جراحكَ.. هي الآن تُبحر في براعم المدن الموعودة أن تتفتّح تحت شراعكَ عصراً جديداً للبنان- الوطن، ولبنان- الشعب.
* نُشِرت هذه المقالة للشهيد المفكر حسين مروة في جريدة "النداء"، بتاريخ 2 تشرين الثاني 1976
فإلى الفرحِ الأكبر يا شعبَنا، يا حزبَنا، يا شهداءَ شعبِنا وحزبِنا .. يا أبطالَ المقاومةِ الوطنيةِ اللبنانية في ساحاتِ وطننا ..
هوَ ذا عام ينقضي.. فهل كان عامَ نكسةٍ عربية كلَّه، كما كان بعد حربِ الأيام الستة السودِ من حزيران؟...
عليْنا أن نحسبَ الآن، لنعرفَ حصيلةَ الحساب:
حقاً أننا واجهنا حينذاك عدواناً إسرائيليَّ الوجهِ واليدِ والراية، أميركيَّ الإرادةِ والخنجرِ والعتاد، إستعماريَّ القصدِ والهدفِ والتكتيك..!!
وحقاً أننا شربنا كأسَ الهزيمةِ حتى الثمالة في مواجهةِ هذا العدوان..!!