مداولات الجلسة
في البدء، قدّم الاستاذ سيرج حرفوش، تجربة كتاب "نحو استقلالية الفلاحين" وهو تجربة جماعية تعاونية تشاركية، تطرح ١٣ عنواناً مرتبطً بالزراعة. وتجربة مزرعة بذورنا جذورنا في منطقة سعدنايل في البقاع.
طرح حرفوش السيادة الغذائية واشكالية الأمن الغذائي، حيث فرّق حرفوش بين السيادة والأمن الغذائيين، وضرورة التفريق بينهما. فعرف الأمن الغذائي وهو توفر الغذاء، أي توفر المواد الاساسية في مراكز البيع وارتباطها بالقدرة الشرائية. وعدم ارتباطها بضرورة الحصول على الغذاء بشكل كاف، وإشكالية الدولة في تأمين الغذاء ومصادره، بينما عرّف السيادة الغذائية على أنها مشروع سياسي حيث تبنى على سيادتها على غذائها وزراعتها وصناعتها الغذائية انطلاقًا من أنها «حق للدول والأفراد في إنتاج الغذاء بأنفسهم، وذلك عبر النفاذ إلى التحكّم بموارد أساسية في هذا المجال، هي المياه والبذور والأرض وكافة الموارد».
بعد تحديده مفهوم السيادة الغذائية، أوضح حرفوش أنّ السيادة الغذائية هي حق الشعوب في أغذية صحية ومناسبة من الناحية الثقافية والمنتجة من خلال الأساليب المستدامة والسليمة بيئياً، وهي حقها في تحديد نظمها الغذائية والزراعية. حيث ان التحدي الاكبر لتجارب السيادة الغذائية هو تعميمها على صعيد الدولة لآنه ذلك يتطلب جدية كبيرة في إنجازات وتغييرات جذرية في بنية السياسات الزراعية في لبنان.
وانتقلت بعدها السيدة أماني داغر للحديث عن تجربة زراعية عملية في الجنوب لبنان. تعتمد مبدأ الزراعة البيئية حيث عرفتها بأنها تطبيق للمفاهيم والمبادئ البيئية لتصميم وتطوير وادارة أنظمة الزراعة المستدامة، بحيث تقوم على إدخال أفكار تتعلق بالبيئة والمجتمع ولا تركز فقط على الانتاج بل على استدامة النظام البيئي أيضا. بالاستخدام الأمثل والرشيد للمصادر والموارد المتاحة للحفاظ على مستقبل البشرية والإنتاج الجماعي. وبهذا النضال وهذه الحركة نضمن وصول الفلاحين إلى مواردهم، وتضمن التوزيع العادل والمتساوي للأرباح، وكذلك فإنه لا بديل آخر عن الزراعة البيئية كوسيلة لتحقيق تنمية تحررية مستدامة.
وأشارت داغر إلى ان الزراعة البيئية تتسع بناءً على حاجات وقدرة الاستيعاب المحلية لكل مزارع حسب منطقة تواجده وخصوصيتها، لآنها تشمل العديد من العناصر على الصعيد الزراعي. لأنها تخرج الموارد من منطلقات الخصخصة الخاضعة لقوانين العرض والطلب. بل العكس هي تعمل على فتح وتقديم مجمل الموارد واتاحتها لكل المزارعين لاسيما الصغار منهم. لذلك هي أكثر من انها فقط طريقة أو نمط. فهي حركة اجتماعية لتحويل وتغيير النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الحالي المستخدم في نظام الزراعة.
ففي الزراعة البيئية، ننتج كفلاحين الغذاء لضمان استمرارية "الحياة للجميع" دون استثناء، غير مكترثين لمبدأ تحصيل الأرباح الضخمة وتجميع رأس المال، كما هو سائد في معظم المشاريع الزراعية حاليًا التي تنتج انطلاقًا من مبدأ تلبية حاجات السوق بهدف الربح. دون الاكتراث لصحة الأرض وخصوبة تربتها، وعلى حساب الفلاحين الذين هم أقل المستفيدين منها.