نظام النهب الحر القائم على المحاصصة الطائفية والمذهبية، وتسلّط طبقة "الثلاثة بالمئة" من الشعب اللبناني، المتمثلّة بأصحاب المصارف وحاكمية البنك المركزي، وكبار التجار ومالكي العقارات الكبرى، تحتفل بعيدها الثاني "في الأول من أيار من كل عام" من زمن انتفاضة شعبنا الذي عّبر في ١٧ تشرين الأول (أكتوبر) عن أحلامه وطالب "بإسقاط النظام" الطائفي والمذهبي بمختلف تشكيلاتهم السياسية وبدون استثناء (موالاة ومعارضة). حينها، حققّت هذه الإنتفاضة انتصارها الأول : بإسقاط حكومة سعد الحريري معلنة رفضها لأي حكومة جديدة على شكل الحكومة الساقطة وطالبت بحكومة مستقلّة عن أحزاب السلطة الحاكمة الفاسدة، حكومة ذات صلاحيات استثنائية قادرة على الإنقاذ ومكافحة الفساد المستشري منذ عقود وإقرار الآلية الجدية لقانون الإثراء غير المشروع، والعمل على استرجاع الأموال المنهوبة والمحوّلة إلى الخارج، والتحقيق الجنائي، واستقلالية القضاء، ورفض كلّ أشكال التدخل والضغوط على مسار التحقيق في كارثة انفجار المرفأ وتداعياته وصولاً الى إقرار قانون الانتخابات النيابية على القاعدة النسبية بدون "بدعة الصوت التفضيلي الطائفي".. وخارج القيد الطائفي وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة واعتماد سنّ الثمانية عشر للناخبين وإقرار الكوتا النسائية.
في عيد العمال، ينبغي العمل على متابعة توحيد صفوف الحراك الشعبي على مطالب الحدّ الأدنى الواردة أعلاه، وتكثيف النشاطات الجماهيرية التي تقلصت نسبياً بسبب بلطجية النظام الفاسد الطائفي من جهة، وبسبب جائحة كورونا من جهة أخرى والتي فاقمت من صعوبات الأوضاع الاقتصادية والغذائية، بسبب عجز السلطة الفاسدة وقرارات الإقفال العام ومنع التجوّل من دون توفير الدعم المادي للمواطن المطلوب منه التوقف عن العمل الذي يوفر له ولعياله أسباب العيش البسيط.
في هذه المناسبة العظيمة، والاحتفال بعيد أول أيار عيد العمال العالمي، يتطلّب من الحركة النقابية التقدّمية، في ظلّ غياب الاتحاد العمالي الطائفي العام وارتهانه لأحزاب السلطة الفاسدة، البحث بجدية أكبر عن سبل جديدة لتجميع حركة نقابية من مختلف الاتحادات النقابية العمالية في القطاعين العام والخاص وقطاع التعليم وهيئة التنسيق النقابية لبلورة موقف وبرنامج مطلبي إضافي لما هو مطلوب من الحراك الشعبي الوطني العام والاتفاق على بعض القضايا النقابية مثل إنقاذ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومطالبة الدولة لتسديد المتوجب عليها من اشتراكات لبعض العاملين في القطاع العام إضافة إلى تسديد ما هو متوجب عليها في المساهمة المادية في فرع ضمان المرض والأمومة، وتسديد الديون المتوجبة على الدولة لمصلحة الضمان الإجتماعي والتي هي أموال المضمونين التي تقلّصت قيمتها الفعلية.
في هذه الذكرى العظيمة من تاريخ الطبقة العاملة العالمية، تحتفل منظماتها النقابية بمراجعة ما تحقق من برامجها المرحلية والمطلبية لنستخلص منه برنامجاً جديداً يلبّي طموحاتها وحقوقها في العيش الحر الكريم، والتخفيف من وطأة الاستثمار والاستغلال الذي يمارسه نظام التسلط والاستعمار الاقتصادي الذي تمارسه سلطات الرأسمال المتوحّش في كافة أقطار العالم بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، التي تمارس أبشع أنواع الاستعمار الجديد وإثارة الحروب الإقليمية في مختلف أنحاء العالم لفرض تغييرات سياسية متوافقة مع مصالحها الاقتصادية والتجارية وفرض العقوبات على كلّ من يخالفها وما يسمى بالربيع العربي أكبر دليل على الدور القذر الذي تلعبه الإدارة الأميركية من أجل تدمير مقوّمات الدول المحيطة بالدولة العبرية المغتصبة لأرض فلسطين المحتلة والقضاء على قدراتها العسكرية من جهة ولفرض الاستسلام على الأنظمة العربية والتطبيع مع الكيان الصهيوني والقضاء على القضية الفلسطينية.
وفي هذه المناسبة أيضاً، لا يسعنا إلّا أن نتذكّر رفاقاً نقابيين كباراً لنا غادرونا بالوفاة في هذه الظروف الصعبة والقاسية ولم نتمكن أن نودّعهم بما يليق بنضالاتهم الكبيرة ولفترة طويلة دفاعاً عن حقوق الطبقة العاملة والحركة النقابية، ونخصّ بالذكر منهم الرفاق والأصدقاء، القادة النقابيون: فخري فرهود، علي مرعي، سليم الخشن، مرسل مرسل، عبد الأمير نجدة، فخر دكروب، سعيد مغربل، ولأرواحهم جميعاً نعاهدهم بأنّنا على خطاهم سائرون ومستمرون في النضال حتى تحقيق حلمهم الكبير في القضاء على أنظمة الاستثمار والاستغلال والفساد، وإقامة الدولة المدنية العادلة، ومن أجل وطن حر وشعب سعيد.
*نقابي