في مقابلة مع عربي العنداري، وهو عضو في المكتب السياسي في الحزب الشيوعي، بالاضافة الى كونه عضو فاعل في عملية التنسيق بين القوى والمجموعات خلال انتخابات نقابة المهندسين، يخبرنا أنه على الرغم من نجاح تلك التجربة الا وأن عملية نقلها ستكون صعبة بحيث ان كل تجربة ولها خصوصياتها.
وفي خصوصية انتخابات "النقابة تنتفض"، يحدد العنداري عامل حضور عدد من قوى الانتفاضة الذين ترقبوا هذه الانتخابات، ولكونهم لديهم حضور في نقابة المهندسين شعروا أنهم معنيين بهذه الانتخابات. وإنطلاقاً من هنا، بادروا الى الالتقاء والتخطيط. تلى ذلك وضع برنامج مشترك ومعايير على أساسها تم اختيار المرشحين، ونصت المعيير على أن يحمل المرشح مبادىء 17 تشرين، وينتمى الى قوى عابرة للطوائف وضد المنظومة السياسية، وساعياً للتغيير، إنطلاقاً من مصالح نقابية وسياسية عامة. أي بالأحرى، أن يكون مستعداً للمعركة وما ينضوي تحتها من معركة ضد المصارف، ومعركة لحل أزمة صناديق التعاضد دفاعاً عن المدخرات والتعويضات والتغطية الصحية للمنخرطين في هذه النقابة.
أتت هذه العملية الانتخابية على مرحلتين، أولاً انتخاب النقيب ومن ثمة المندوبين، "بالنسبة لمجلس المندوبين، كانت عملية الترشح لها طابع فردي أكثر مما هي لوائح سياسية، ولكن لخوض هذه المعركة يجب أن يكون لديك عدد من المندوبين، وكان هذا العامل الايجابي في هذه الانتخابات. توفر عدد كبير من المندوبين التابعين لقوى التغيير، وبالتالي التمكن من توقع نتائج الانتخابات بسبب هذا الحضور القوي" يقول العنداري.
أما بالنسبة لنقابة الأطباء، فتحدث الدكتور عمران فوعاني عن محاولة تشكيل أوسع تحالف مع قوى 17 تشرين وقوى المعارضة لمواجهة أحزاب السلطة، التي أشاعت الفساد والهدر في النقابات، عبر التحاصص وهدر المال العام وحشو الموظفين، مما جعل من هذه النقابات صورة مطابقة للمنظومة الحاكمة. ويذكر دكتور عمران أن صناديق التقاعد الخاضعة لسياسات البنك المركزي، متأسفاً على أن المتقاعدين اليوم يتقاضون ما لا يتجاوز الـ 75$ كمعاش تقاعدي، حسب السوق الموازية أو السوق السوداء. وبالتالي يتم خوض هذه المعركة مع المجموعات السياسية والنقابية المعارضة لقوى السلطة لمجابهة هذه الأزمات.
مضيفاً الى كلامه مسألة جائحة كورونا خلال العامين الماضيين، بحيث كان هناك غياب شبه كامل للنقابات عن دورها بامكانياتها النقابية والمهنية والعلمية. مع ذكر المسألة الثانية، ألا وهي مسألة احتكار الدواء، بالنسبة للصيادلة، ودور شركات استيراد الأدوية التي تتحكم بأسعار الأدوية وفقدانها من الأسواق. في هذا السياق تطرح النقابات برنامج البطاقة الصحية الشاملة، وإنما ليس كما تحاول المنظومة الحاكمة ترويجها.
ويؤكد الدكتور عمران على أن تجربة "النقابة تنتفض" أعطت اشارة ايجابية بامكانية التغيير وتحقيق الانتصارات في حال اجتمعت قوى المعارضة حول برنامج واحد ولائحة واحدة، ولذلك النقابات الصحية على تواصل مع مجموعات "النقابة تنتفض" ومع المهندسين للاستفادة من تجاربهم ومن إدارتهم للمعركة الانتخابية، من أجل تحسين فرص الفوز بالانتخابات المقبلة.
أما أحمد العاصي، مفوض العلاقات السياسية الداخلية في حركة "مواطنون ومواطنات في دولة"، فيعتبر أن نجاح تجربة "النقابة تنتفض" يرتبط إرتباطاً وثيقاً باعتراض المنضويين تحت شعار "النقابة تنتفض" على مسار الأمور في البلد، بغض النظر عن البرنامج الانتخابي، على الرغم من أهميته. ويؤكد على إرتفاع نسبة المعترضين على المسار السياسي والعمل النقابي الذي كان سائداً، وعدم قدرة السلطة السياسية على حشد هذه الفئة، إن كان كمرشحين أو كمقترعين. يتبين ذلك من خلال غياب السياسيين ورجال الأعمال الذين إعتادوا الحضور والحشد الى أماكن الاقتراع سابقاً للترويج لأجنداتهم السياسية. فهذا كله يعود الى الاستياء العام لدى الفئات المعنية في نقابة المهندسين، ونسبة هذا الاستياء تتفاوت بين النقابات بما يحتم عليهم واقع عملهم.
يؤكد العاصي على وجود مسعى عام لاعادة هذه التجربة، مع التشديد على أن "مواطنون ومواطنات في دولة" يشددون على أهمية الموضوع المالي في البرنامج الانتخابي. فيرى أنه في حين لم يكن سابقاً التركيز الأساسي من قبل القوى المعارضة على الموضوع المالي ، كان أولوية للمنتسبين في مواطنون ومواطنات. وقد أكد الواقع أهمية التركيز على هذا الشق، خاصةً مع نسبة الهجرة المرتفعة التي تطال جميع المهن، ما يجعل الأسواق في البلد معرضة للشلل. ويكمل قائلاً أنه في محاولة نقل هذه التجربة على باقي النقابات، سيتم التركيز على هذا الموضوع مجدداَ، عبر محاولة خلق تحالف مع المجموعات لتثبيت أولوية الموضوع المالي وعدم التنازل عن ذلك، فيتحتم على أي مرشح أن يكون ضمن برنامجه مواجهة أصحاب المصارف دفاعاً عن مدخرات هذه النقابات المالية أولوية.