الصفحة 1 من 2

بين حادثة جورج فلويد الذي "لم يستطع التنفس" وبين مشهد العاملات الأثيوبيات المرميات على الأرصفة كأشياءٍ تمّ الاستغناءُ عنها، تسقط كلّ ادّعاءات الإنسانيّة الزّائفة في العالم.


"إن أضعت بيروت..."، قالها سانداً مكنسته إلى واجهة سيارة فارهة في شارع يستظلّ بشبكات من أسلاك كهربائية، "... فانظر إلى تجاعيد ذراعيْ والدي وحروقهما تدُلّانك على أزقّتها والمنعطفات"، قالها محمد الشاب السوري الثلاثيني وأستاذ اللغة العربية سابقاً الذي يعمل الآن في شركة رامكو للتنظيفات، مستذكراً والده ابن ريف درعا الذي كان يأتي إلى لبنان في التسعينيات ليصقل فولاذ عَماراتها، الذي، أمست بغالبها فارغة ومُفرغة.

لم تكن حادثة قتل المواطن الأسود جورج فلويد خنقاً خطأً تقنياً خارج السياق الرسمي العام. قتل رجال الشرطة البيض للمواطنين السود حدثٌ اعتيادي في الولايات المتحدة الأميركية. حتى الكورونا في أميركا أصابت الأقليات بنسب مضاعفة عن البيض لأنّهم الأفقر والأكثر حاجةً للعمل والأقلّ وصولاً إلى الخدمات الصحية. العنصرية والطبقيّة والاستغلال سمات أساسية في المجتمع الرأسمالي، فكيف في معقلها النيوليبرالي المحافظ...؟

 أظهرت جريمة قتل "جورج فلويد" خنقاً من قبل رجال الشرطة في مدينة "مينيابوليس" الوجه العنصري الحقيقي للنظام وتحديداً مع نموّ سياسات التمييز والفوقية والعنصرية التي تغذّيها مواقف وممارسات الرئيس ترامب. وكان بارزاً محاولة ترامب توجيه التهم والتهديدات ضدّ اليسار والمنظمات المناهضة للفاشية، مثل حلّ منظمة "أنتيفا"، خلال هذه الأزمة التي نزل فيها عشرات الآلاف من المواطنين الغاضبين إلى الشارع في عشرات المدن الأميركية،

"الفلسطيني بأرضو حتى تعود أرضو" هو وسم أطلقه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، استنكاراً لتعميم حكومي لبناني أمني قضى "بعدم السماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان من العودة للبلاد ضمن الرعايا العالقين في الخارج"، مما أثار جدالاً واسعاً لهذه الممارسات العنصرية الفاضحة. وترافق الوسم مع نشر عدد من الانتقادات ووثائق عن "الدستور الفلسطيني عام 1928 ومنها أنّ "اللبناني داخل الأراضي الفلسطينية لا يعتبر أجنبياً، يعامل كالمواطن الفلسطيني في الحقوق".

الحادثة الفظيعة التي وقعت مؤخراً حيث ألقى جنود الاحتلال عدداً من العمال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 على حاجزي جبارة بطولكرم وبيت سيرا قرب نابلس، بذريعة الاشتباه بإصابتهم بفيروس كورونا، وتركهم على قارعة الطريق قبل أن تصلهم فرق الإسعاف الفلسطينية. تزامنت مع لغة عنصرية ساقطة تنضح بما فيها من تحويل فزاعة الوباء إلى فوبيا المخيمات إن كان مباشرة بتصريح سياسي أو بكاريكاتير إعلامي.

الصفحة 1 من 2