عودوا إلى المستنقع!

أكثر من خمسين يوماً مضت، والذين راهنوا على تعب الحراك الشعبي أنهكهم التعب. انتظروا فاكْتَووا بلهيب الانتظار، وكل دواء يصفونه لشفاء جروحهم من سيوف الثورة يستحيل داءً ويصير ملحاً يُرشّ على جروحهم. أفلست السلطة وفقدت شرعيتها منذ زمن طويل وانكشف إفلاسها وتعرّت تحت ضغط الشارع والناس المنتفضين.هنا جاء دور طابور الضفادع التي خرجت من مستنقعها لتملأ الدنيا نقيقاً: تنظير ناصح لجماهير الثورة في ظاهره تارة، أو داعياً إلى الحكمة والتعقل تارةً أخرى، ولكنّه في باطنه يهدف في جميع الأحوال إلى إحباط الانتفاضة. لا هدف لهم سوى إضعاف المواجهة ووضع العراقيل بوجهها، لكنّها ظلت دوماً أقوى منهم.

في الطابور، اجتمعت ضفادع من برك آسنة مختلفة: فريق رأى، رغم "اعترافه" بمشروعية المطالب الشعبية، أنّ توسيع الرؤية لتشمل البعد الإقليمي تقتضي الدفاع عن منظومة حاكمة يشارك فيها، معتبراً تلك المشاركة مكسباً لا يجوز التفريط به وضمانة لموقعه المحلي والإقليمي، كما رأى حزب الله. فريق آخر تبنّى شعاراتٍ شعبوية وتستّر بتأييد محاربة الفساد، متناسياً أنّ خماسيته غير المقدسة (بري، جنبلاط، حريري، باسيل، جعجع) هي الفساد الذي يطالب الشارع بمحاربته وقطع رؤوسه وأطرافه، وفريق ثالث من داخل الفكر الاشتراكي يسير على هدى (أو بالأحرى على ضلال) "دمقرطة وأنسنة" الإشتراكية العلمية.

هذا الفريق الثالث، الذي ابتُليَتْ به الماركسية – اللينينية منذ خمسينيّات أو ستينيّات القرن الماضي، يحمل في جعبته نظريات "نقدية" جاءت كلها على حساب المادية التاريخية، متسترة بنزعة "إنسانوية" تحجب إرتداداً صارخاً إلى طوباويات الفكر المثالي وأقانيم الفكر الديني – الميتافيزيقي. لكنّ التطورات الميدانية الراهنة تبعدنا عن الخوض في نقاش نظري بحت كهذا، وتشدّنا إلى موقفٍ عملي واضح ممّا يجري.

نحن، الماركسيون اللينينيون، نؤمن بإمكانية تحقيق الثورة عند اكتمال ظروفها الموضوعية، ونطلب ما تراه نعاج الفكر "الإشتراكي الديمقراطي" المستحيل بذاته، حتى إذا حصلنا على الممكن عدنا إلى نضالنا من أجل ما يعتقدونه مستحيلاً، لأنّ ما نريده وتريده حركة التاريخ ليس إصلاحاتٍ للنظام الرأسمالي بل التصدّي للعلّة المركبة الأساسية: نمط الإنتاج، وعلاقات الإنتاج وملكية وسائل الإنتاج. إنّ حلم التغيير لا بدّ أن يكون حلماً جميلاً، نحو الاشتراكية لا نحو تحسين الرأسمالية.
لذا نقول لكل أصناف المخربين والمعرقلين: عودوا إلى مستنقعكم، مستنقع الشرق المتعفن بالفكر الرجعي والاستعباد والاستبداد. ذلك هو مكانكم الطبيعي، فلا تلوّثوا مكاننا في مسار التغيير والثورة.

أمّا نحن، فإنّنا في مواجهة الطبقة الحاكمة وجبن الطروحات الإصلاحية، حيث نجرؤ على النضال ونجرؤ على الحلم ونجرؤ على الإنتصار. الثورة تضحيات ومبعث فرح واحتفال: انظروا إلى السعادة وإن كانت ممزوجة بالألم في عيون المحتشدين في الشوارع والساحات. الشعب يريد الخبز والورود، وعلينا أن نساعده في المضي إلى آخر الطريق ليصل إلى الحرية الحقيقية ويكسر طوق استعباد رأس المال. فلنستكمل درب النضال من أجل وطن حرّ وشعب سعيد.

# موسومة تحت :
  • العدد رقم: 369
`


نبيل الخشن