ومن بعد الاستعمار، لم يهدأ النضال.
واجه الحزب طبقة سياسية اقطاعية متسلطة، ونظاماً طائفياً حبس الوطن في قفص الطائفة، فكان صوته صرخة من أجل دولة مدنية علمانية تساوي بين أبنائها، لا تفرّق بينهم بدين أو مذهب أو نسب.
ثم جاء زمن الاحتلال الإسرائيلي، فكان الشيوعيون في الخنادق، لا في البيانات.
قاتلوا بصدور عارية في الجنوب والبقاع، سقط منهم الشهداء واحداً تلو الآخر، ليكتبوا بدمائهم أن الحرية ليست شعاراً أممياً فقط، بل دفاع عن البيت والكرامة والأرض.
ولما تبدل الاحتلال وجهاً بآخر، وقف الحزب في وجه النفوذ البعثي السوري، كما وقف ضد كل هيمنة تعيد الوصاية بلباس جديد.
وفي الوقت نفسه، ظل وفياً للقضية الفلسطينية، داعماً حق الشعب الفلسطيني في العودة والتحرير، مؤمناً بأن فلسطين ليست قضية شعب واحد، بل قضية كل حر في هذا الشرق.
ومع أفول الاحتلالات الخارجية، برز عدو جديد: الطبقة السياسية الفاسدة، والمحاصصة التي فرّقت اللبنانيين بين ٨ و١٤، وجعلت من الطائفة خندقاً ومن الوطن غنيمة.
فكان الحزب، كما في البدايات، صوت الرفض والعقل، يذكّر أن الصراع الحقيقي ليس بين الطوائف، بل بين من يسرق الوطن ومن يحلم له بالعدالة والكرامة.
مئة عام وعام من الصمود، من النضال ضد كل وجه للظلم، من الإيمان بأن الإنسان هو المعركة الكبرى، والوطن هو المعنى الأسمى.
سلام على الذين زرعوا الحلم في شوارع الفقر، وسلام على الذين ما زالوا يحرسون الفكرة من العتمة.
فلتكن هذه الذكرى المجيدة عهداً جديداً، بأن هذا الحزب، كما كان، سيبقى ضمير الوطن حين يصمت الجميع، وصوت الناس حين تخرسهم الطائفية والمصالح.