وباء البشرية.. الحل والتحدي!

الرأسمالية الاستعمارية وباء قاتل للبشرية. فحروبها وعولمتها الاقتصادية وإدارتها لنظامها العالمي الجديد مدمرة للعلاقات والقيم الإنسانية. وهي كنظام اقتصادي وسياسي تشكل منبعاً لإزمات العالم بفعل سياساتها وتدخلاتها ونشر حروبها وزرع الصراعات والفتن وإفتعال فوضى السوق وإتخاذ مبادرات لماعة مضللة للتحكم بمصير البشرية.

ويبقى شعارها الطبقي"الربح" بطرق النهب والفساد وتقييد الحريات لتفتيت القوى المنتجة. أي التحكم بمصير مليارات البشر عن طريق القوة والغش والتلاعب بسوق العرض والطلب، وما ينتج عن ذلك، من مناخات غير صحية أو آمنة للعمال، وإجبارهم على العمل بأجور منخفضة، وتقليص الضمانات الصحية والاجتماعية. عدا، عن تدمير البيئة وتلوثيها.. الخ. ولا إحراج للنظام الرأسمالي العالمي في إبادة أو إفقار وتجويع شعوب العالم اتحقيق أهدافه السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية بما في ذلك تسخير التكنولوجيا للقتل والخراب والتدمير والتهجير.. لتأبيد سيطرته على دول وشعوب العالم ونهب ثرواتها.

العالم كله، يعيش زلزال حروب الامبريالية والصهيونية وإرتكابهما أفظع جرائم الإبادة الجماعية بحق شعوبنا في المنطقة العربية، ولا سيما في غزة والضفة ولبنان وسوريا واليمن والسودان وتهديد شعوب العالم. اما المجتمع الدولي فيقف إما متواطئاً أو صامتاً أو خائفاً كون المصالح والحسابات في منظومة السيطرة والعولمة باتت معياراً للمواقف، بحيث لم تعد قضية حقوق الإنسان وتحرره وكرامته هي المعيار بعد إختلال موازين القوى بين الاشتراكية والرأسمالية. لم يعد حلف وارسو موجوداً، ليبقي حلف الناتو بقيادة أميركية يصول ويجول بأسم الديمقراطية والقضاء على الإرهاب والسلام لتكريس استعمار المنطقة والعالم.

قد يتفهم البعض سياسات الاقطاب الكبرى وموازين القوى السائدة، واحياناً يصمت أو يبرر عنها على أمل فتح نافذة أمل للمستقبل. لكن المتغيرات سريعة والإنهيارات أسرع مع توسع سيطرة الامبريالية الاميركية وتهديدها للاقطاب نفسها التي قد لا ترى خطراً داهماً عليها كما هو الخطر الداهم على شعوبنا في المنطقة أو في اميركا اللاتينية او أفريقيا..
الإمبريالية الاستعمارية، شغلتها البيع والشراء بهدف الربح. وسر "رأس مالها" المعاملات والصفقات والاستيلاء وليس الانتاج. وبالتالي، ينتفي السؤال عن طبيعتها! قد تكون أسلحة الدمار الشامل أو النفايات السامة أو الاتجار بالبشر أو جرف أوطان وإبادة شعوب بكاملها أو الاتجار بالطائفية والاثنية والقومية وغيرها.. كل ذلك لا يشكل فرقاً، الفرق الوحيد لديها هو قيمة الصفقة ونسبة الارباح.
هذه قواعد الرأسمالية، وهي قوانين تعمل من وراء ظهر المجتمع على حد تعبير ماركس، حيث يفكر كل واحد لنفسه، ولا أحد يفكر للجميع. والنتيجة، أن الازمة متلاصقة مع النظام الرأسمالي. والتناقض الاساسي يبرز في أن الطبقة العاملة لا تستطيع شراء كل الثروة التي تنتجها وفائض الإنتاج.
قد تتغلب الرأسمالية على أزمتها بشكل متقطع، وترحلها، من خلال الاستثمارات، لكن هذا الحل لا يعالج أساس المشكلة. فالمزيد من القدرة الإنتاجية تترجم بالمزيد من إنتاج السلع في أسواق تتقلص أكثر مع تطور الأزمة الاقتصادية والمالية الرأسمالية الراهنة.
قبل التطور التكنولوجي والاتمتة والذكاء الاصطناعي كان بإمكان الفرد أن يؤمن حاجيات اسرته. أما بعد إحلالها في أماكن العمل، فيتوجب عمل أكثر من فرد في العائلة لتأمين الحد الادنى من مقومات الحياة. وفي حين يصبح العمل أصعب والعامل أفقر، يصبح الرأسمالي أشرس وأكثر ثراء.

قد يقال، أن السبب هو زيادة الانتاج بعمال أقل وأرباح أكثر. ولكن الصحيح، أن يقال من سيشتري السلع الزائدة المنتجة مع ارتفاع حدة البطالة؟ فهل الروبوتات تأكل وتشرب وتشتري وتستهلك السلع والاشياء المنتجة. وماذا نفعل في أزمة فائض الانتاج؟ اليس هذا اقتصاد السائد اليوم هو اقتصاد الموت!!
الحل والتحدي!
نظرياً وفكرياً وسياسياً.. فإن الحل يكمن في البديل الاشتراكي، وفي اقتصاده عبر الـتأميم وتسخير الموارد لتأمين احتياجات الشعوب عبر زيادة الانتاج وإستثمار الفائض من تراكم الثروات الاضافية لتحسين أجور العمال والقطاعات الانتاجية وتقديم خدمات اجتماعية أفضل وأقل كلفة من نقل وتعليم وصحة وكهرباء وسكن واستشفاء وسكن.. وهذا البديل لا يقوم بالتمنيات والرغبات الفكرية فقط، بل بالسعي لإستنهاض القوى التحررية الثورية،
فأساس وجودها يقوم على الصراع الطبقي، وغيابها عنه ينفي أساسها. لذلك، فإن مستلزمات حضورها وفعاليتها تحتاج إلى وقفة جادة ومسؤولة وعصف فكري وسياسي وبرنامجي وتنظيمي ميداني لبناء جدار المواجهة ضد الإمبريالية والصهيونية والرأسماليات التابعة لها. أما كيف؟، وما العمل؟ فهذه تحدياتها النظرية والعملية الوطنية والطبقية للتحرير والتغيير الديمقراطي على طريق الاشتراكية.