في عيد النداء: المصرف والمجلس مجرم واحد

تتالت التحركات الاحتجاجية الشعبية الغاضبة طوال الأيام الماضية، وتركّزت بشكل رئيسي أمام مصرف لبنان والمصارف الخاصة، وأمام مداخل المجلس النيابي. ومع استنفار وزارة الداخلية والقوى التابعة لها للعب دور حرس المصرف وحرس المجلس، القمع تصاعد، فكانت ردة الفعل الطبيعية التصدّي له. الجموع الغاضبة المستاءة من الفقر ومصادرة ودائع صغار المودعين عبّرت عن جزءٍ صغيرٍ جدّاً من غضبها ووجعها أمام المصارف، فحطّمت القليل من زجاجها في رسالة احتجاجٍ أوليّة.

الغاضبون المستغَلّون المهمّشون هم روح الانتفاضة. لم يكترثوا للتشويه والتشويش. لم يسمعوا توجيهات أبواق أحزاب السلطة، بين من يريد أن يوجههم ضد المصارف حصراً لإعفاء المجلس النيابي وأحزاب السلطة من مسؤوليتها في الجريمة الاجتماعية الحاصلة، ومن يريد أن يدفع بهم تجاه المجلس وحده لتصفية حسابات ولحماية رأس المال المصرفي من غضب الشارع. فشل الفريقان، وخابت مراهنتهما.

المصرف والمجلس وجهان لمجرمٍ واحد أفقرَ اللبنانيين، وشوّه اقتصادَهم وجعله في خدمة القلّة، وجوّع جزءاً منهم، وهجّر مليون شاب إلى الخارج، وجعل الدين العام مصدراً رئيسيّاً لضخّ المال من الضرائب على المواطنين إلى حسابات الدائنين عبر الفوائد. آليّة استغلال طبقي ضاعفت الفروقات الطبقية حتى صار 1% يمتلك أكثر من نصف الثروة!

يحلّ عيد النداء لهذا العام وسط انتفاضة شعبية غير مسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، ضدّ النظام المذهبي الريعي، وضدّ حكم المصرف، فما أجمل أن تحتفل النداء بعيدها الحادي والستين هذا وسط الشعب الثائر الغاضب رفضاً للاستغلال والتهميش. عيدٌ يحمل معه تحية حبّ وتقدير لتاريخ من العطاء قادَهُ مناضلون أفنوا حياتهم كي يعلو صوت النداء، فلهم منا أجمل ذكرى وتقدير.