وقد قام القطاع الصحي والمهني في لبنان وكان الأطباء في مقدمتهم، بجهود مثمرة أدت إلى إستثناء صناديق النقابات المهنية ومن ضمنها صناديق نقابة الأطباء (الإعانة والتأمين ، التقاعد وغيرها ) من خطة الإصلاح المالية التي أقرتها حكومة الرئيس حسّان دياب في ٣٠ نيسان ٢٠٢٠ ،كما ومن كافة تدابير إعادة الهيكلة المالية التي تلحظها هذه الخطة.
لم تكن سياسات ومقررات مجلس نقابة الأطباء في بيروت على قدر المسؤولية، حيث أتت إجراءاته وقراراته عشوائية أقرب إلى الكيدية منها إلى البنّاءة، كل هذه السياسات الحالية المتبعة أضف إليها تلك المتراكمة منذ سنوات والتي دأبنا إلى رفضها والتحذير منها ستؤدي إلى إفلاس هذه الصناديق وبالتالي وضع مصير ١٢ ألف طبيب ومن بينهم ٢٠٠٠ طبيب متقاعد في المجهول.
المستقبل المجهول للأطباء ولعائلاتهم ينذر به ذلك الفشل الذريع في إدارة الصناديق التي باتت تعاني من حالة مذرية، السبب الأول في ذلك هو عدم القدرة على تغذيتها بالشكل المطلوب مما يهدّد ضمان مستقبل الأجيال القادمة من المنتسبين الجدد. أما السبب الثاني فهي تلك الصراعات الإنتخابية غيرالمهنية لقوى السلطة الطائفية مجتمعة والتي أنتجت مجلساً نقابياً تحاصصياً يعجز دائماً عن إيجاد الحلول فيعتمد توافقات سلطوية بين أعضائه كصورة مصغرة عن السلطة السياسية الفاشلة، حيث تنعدم سبل الحل والربط بين مكوناته بسبب تناقضاتها المصلحية التي تلغي الطبيب والهمّ النقابي لحسابات إنتخابية. وقد عانى الجسم النقابي كثيراً من التدخلات السياسية لقوى السلطة وفرضها لمجالس غير منسجمة في تخطيطها لمستقبل الأطباء وللنقابة بشكل خاص، فكانت إدارة الصناديق واستثمارها أولى ضحايا قرارات المجلس وليأتي بعدها القرار الشهير الذي استهدف صندوق الإعانة والتأمين عبر اللجوء إلى الأموال الموجودة فيه بطريقة مخالفة لنظامه الداخلي لتغطية معاشات الأطباء المتقاعدين، ولولا يقظة بعض القوى النقابية الحية وتعاطيها بمسؤولية ومناقبية من اجل حمايته وعدم المسّ فيه لكان الصندوق مفلساً في مدة زمنية لا تتعدى العام الواحد.
فمن موقعنا النقابي كنا وضعنا مقترحات لمعالجة الأزمات المستجدة والمزمنة ومنها:
أولاً : تحسين الجباية والإستعانة الجزئية بصندوق النقابة.
ثانياً : العمل على متابعة الملفات الطبية من خلال الكشف المكثّف وذلك بهدف التثبت من إستعمال المستشفيات للطابع الإستشفائي.
ثالثاً : تشكيل لجان مشتركة مع نقابة الصيادلة لمتابعة ملف فاتورة الدواء بدقة.
رابعاً : العمل مع الأطباء ومراقبتهم بجدية في مدى استعمال الوصفة الطبية الموحدة وتحسين جبايتها.
تلك هي بعض الإقتراحات للمعالجة الآنية للأزمة وقد كان لنا برنامج موسّع للمسألة الطبية في لبنان تطرقنا خلاله إلى مكامن الأزمة والخلل وقدّمنا مقترحاتنا وعلاجاتنا للحالة المستعصية للنقابة، آملين أن نساهم في حماية صناديق نقابة الأطباء وبالتالي حماية حياة الطبيب وعائلته في تلك الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان.
(*)مسؤول قطاع الصحة وعضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي اللبناني