حرروا عقل العمال من إيحاءات كاذبة


مع انهيار تجربة الاتحاد السوفياتي أو الأكثر دقّة بعد نجاح المؤامرة ضد التجربة الاشتراكية السوفياتية نجح اليمين بكل أشكاله و أوجهه بشنّ هجوم مضاد لحذف كل المكتسبات النضالية التي حققتها نقابات العمال عبر سنين طويلة والنموذج الفرنسي واضح إذ أتت حركة المصارف والمال برئيس لا همّ له ولمنظومته اليمينية غير ضرب القطاع العام لصالح القطاع الخاص و تقلّيص الخدمات الاجتماعية وحتى اللعب بسنّ التقاعد إذ رفعه لحدود 65 عاما.


سقوط التجربة السوفياتية لا يعني ابدا ان تجربة الرأسمالية قد. نجحت، جلّ ما في الأمر أن استغلال قوة عمل العامل والفلاح والموظف الصغير وأصحاب الرتب الصغيرة في القوى الأمنية وأصحاب المهن الحرّة البائسة صارت أكثر فجورا ووقاحة وبداحة.
خطة وزير المال السابق الرئيس فؤاد السنيورة بالتعاقد مع مجندّين لخدمة القوى الأمنية لفترة خمس سنوات فقط لم تكن ابتكارات لحل أزمة اقتصادية بل كانت خطوة اولى لخصخصة القطاع العام الذي أضحى فقيراً ويتيما بعد إفلاس الدولة عن سابق تصوّر وتصميم بهمّة خونة الاقتصاد والمال وبرعاية أحزاب حاكمة فاشلة طائفية.
حتى الاتحاد العمالي العام تمّت خصخصته طائفيا وتمّت برمجته يمينيا لصالح الملكيات الخاصة الكبرى.
المؤسف انّ المقهور بعمله وبوظيفته وبحرفته ينصر جلّاده ومعذّبه وسبب بؤسه لنسمّيه إذن البائس.
البؤساء في لبنان جنود مجنّدة لخدمة الأقوياء ولخدمة قادة طائفيين ينقلون عن المقدّس أجمل الحكايات نصرة للمظلوم الا انهم في الحقيقة يمارسون أبشع انواع نهب المال العام ويمنعون محاكمة الفاسد بالقوة ويحتلون عقل البائس بإيحاءات كاذبة.
لقد تمّ برمجة ادمغة البؤساء في لبنان عبر الإعلام وعبر نشر اخبار الماورائيات الدينية كرشوة مؤقتة ودائمة ما جعلهم مبهورون برجال دين لا يريدونهم غير قتلى وتمّ تشويه مستقبلهم عبر ايهامهم ان التجربة المالية الأميركية هي الصحيحة علما ان مروّجي هذه الدعاية الاقتصادية لا يتسببون بغير موت البؤساء جوعاً.
البائس اللبناني بين خطرين، خطر وَهم الدين والطائفة ووَهم حياة هوليود.
عدم التحاق البؤساء بانتفاضة الخريف سنة 2019 واختيارهم الدفاع عن رموز طائفية ومالية وعن وَهم التآمر على سلاح الفدائيين جعل انتفاضة الطبقة الوسطى اللبنانية المترنحة تفشل في التغيير.
صحيح ان البؤساء إن التحقوا باي ثورة يسببون الفوضى الا انهم إذا نصروا جلادّهم يسببون مجزرة وطنية.
عقل و وعي العامل او البائس اللبناني محتلّ بقوة وبشراسة من زمرة طائفيين ومتدينين وماليين ويمينيين ولا عتب فاستلاب عقل و وعي البؤساء في كل العالم مهمّة الإعلام اليميني وما شابهه من انذال من جماعات نُصرة الملكيات الخاصة لعائلات حاكمة تدميرية...
حاليا نشهد صراعا بين رأسماليتين خطيرتين، الرأسمالية التي لا تشبع بقيادة واشنطن وبرلين ولندن وباريس وكامبيرا وبين رأسمالية جائعة شابة بقيادة موسكو وبكين.
للأسف شعور وواجب الأممية في بكين ضعيف وغامض.
العامل، العمّال، الفلاحون، اهل الدخل المالي المحدود او البؤساء لا فرق يفتقدون ثورة ونهضة يسارية تعيد برمجة ادمغتهم ليتيقنوا ان افضل طريق للثروة السريعة الحلال من تعب ومن سهر يكون بإسقاط حكم المصارف و بجعل ثروات البلاد الطبيعية ملكا للناس لا ملك شركات او ملك حكّام او متمولين و أن الأملاك العامة ملكا للناس لا ملكا للدولة لتفاوض حولها ولتبيعها.
لا بد من محطة مرئية تروّج لإنقاذ البؤساء وتفضح ممارسة لصوص الشعوب.
في انتظار المئة فارس ملثّم وشجاع وفي عيد العمّال تحيّة للحزب الشيوعي اللبناني لصموده وسط أمواج هائلة من الطائفيين ومن ناهبي الأموال العامة.
يختلف الطغاة حول كل شيء إلا أنهم يتفقون على أمر واحد، كرههم للبلاشفة.
من هنا ومن تحت شجرة زنزلخت محررة وزهّرت للتوّ وجالسا على تنكة تاترا صدئة ومطلوبة أوجه تحية للعمال، للبؤساء، اينما كانوا في هذا العالم....

 

 

  • العدد رقم: 423
`


د. أحمد عياش