إسرائيل التوسعية تطال في حربها الوحشية مصير لبنان

لا يمكن وصف ما يقوم به العدو الصهيوني في حربه على غزة ولبنان إلا بحرب إبادة لا تقّل وحشيتها عن النازية.

ولم يكن ما يجري ممكناً لولا أمرين أساسّيين، الأول، دور الولايات المتحدة ودعمها المفتوح لإسرائيل التي غرستها الدول الاستعمارية في أرض فلسطين بقوة المجازر وتهجير أهل الارض، لفرض تنفيذ استراتجيتهم ضد مصالح شعوبنا ولضرب أي نهوض تحرّري يعيق سيطرتهم عليها، والأمر الثاني يتعلق بطبيعة المشروع الصهيوني الذي جرى تأسيسه مع المنظمة الصهيونية في المؤتمر الأول للصهيونية العالمية في أميركا عام 1897 في ظروف تحوّل الرأسمالية الى مرحلة الامبريالية. فكانت ولادة هذه المنظّمة من رحمها، وأصبحت الشبكات الصهيونية في العالم في خدمة مصالح الامبريالية واستخباراتها، ولاحقا معها إسرائيل.
لذلك فإن ممارسات اسرائيل الوحشية هي من صلب طبيعتها العنصرية، وتستخدم فيها اليوم ما لديها وما يصلها من أسلحة تدميرية اميركية وأطلسية حديثة، كونها قطعة من معسكر الغرب الأميركي، لتحقيق هدفها هي في ابتلاع كل فلسطين والتوسع لبنانيا وعربيا وفقاً لمشروعها، ولتنفيذ المخطّط الأميركي الصهيوني في الوقت نفسه، لإقامة شرق أوسط جديد من خلال إثارة التناقضات والخلافات ( الفوضى البناءة ) لإضعاف وتفتيت البلدان العربية والسيطرة عليها. ولا ينفصل ما يجري من دمار شامل للقرى اللبنانية، خصوصا الجنوبية، وفرض تهجير أهلها، عن المشروع الصهيوني التوسعي، والانتقام من لبنان ومقاومة شعبية متنوعة فرضت على الجيش الصهيوني الإنسحاب المذّل من لبنان عام2000 بدون قيد أو شرط.

وليس خافيا أن لبنان الذي يتميز مجتمعه بتعدّد الانتماء الديني والطوائفي، هونقيض مشروع إسرائيل الرامي الى إقامة دولة دينية يهودية عنصرية، وهي ترى بالتعدّد في مجتمعنا دحضاً لمشروعها، لذلك تعمل لزعزعة وضرب المثال اللبناني. وإن دورها في تأجيج الانقسامات الطائفية والحرب الأهلية، هو بغرض تقسيم لبنان أو جعله محمية إسرائيلية.
ومنذ أوجدت الدول الاستعمارية الكيان الصهيوني في أرض فلسطين وحالة التوتر والعدوان والحرب تخيّم على المنطقة. فمن حرب عام 1956 على إثر تأميم قناة السويس، الى حرب 1967 ضد البلدان العربية، الى إعتداءاتها المتكررة على لبنان في الخمسينيات والستينيات، وبخاصة العدوان على مطار بيروت عام 1968، وتكرار إعتداءاتها على القرى الحدودية وغيرها. ويؤكد حجم الدعم الاميركي المكشوف وإرسال البوارج والأساطيل الحربية أن كل ما تقوم به إسرائيل هو برعاية أميركية . وكثيرا ما كانت الدعاية الغربية تزعم أن وجود إسرائيل في المنطقة ، هو نموذج لحضارة وثقافة الغرب وقيمه في نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان إلخ.. وقد أظهرت ممارسات إسرائيل مدى كذب ورياء هذه الدعاية. وليست العدوانية والوحشية الصهيونية غريبة على تاريخ أميركا . فقد شنت العصابات الأنكلوساكسونية الوافدة حرباً طويلة للسيطرة على تلك (الارض الجديدة) أبادت فيها حوالي مائة مليون إنسان من الهنود الحمر ، وهم أهل الارض الاصليون . ولم ينس العالم حرب أميركا الوحشية والخاسرة على فييتنام ، وعلى العراق 2003 ، وعلى أفغانستان ، وما فعلته إستخباراتها من إغتيالات لشخصيات وقادة في أميركا اللاتينية، بينها سلفادور الليندي، رئيس تشيلي و أوسكار روميرو، رئيس أساقفة سان سلفادور ، وهو من أبرز شخصيات لاهوت التحرير في تلك القارة ، ومن إنقلابات عسكرية فيها ، وقتل وتصفية عشرات ومئات آلاف المناضلين والوطنيين ، لتواصل هي نهب تلك الشعوب وإبقاء بلدانها في مستنقع الفقر والبؤس والحديقة الخلفية لها.
إن مواصلة الحرب الهمجية للعدّو الصهيوني على شعبي لبنان وفلسطين ، وقتل مدنيين وتدمير المدن والقرى على ساكنيها ، ومعها المستشفيات والمراكز الصحية وطواقمها ومراكز الدفاع المدني ، أمام سمع وبصر العالم ، ودون رادع أو تدبير أممي يمنع استمرار هذه الهمجية الفظيعة، يؤشر الى تجاوز وتغييب قوانين وقواعد الشرعية الدولية، والى السير نحو شريعة الغاب . فالهمّ الأول لأميركا هو منع أو تأخير بروز تعدّد القطبية وخلق توازن دولي جديد يحدّ من هدفها في الهيمنة على العالم.
إن المطامع التوسعية لإسرائيل في حربها عى لبنان وفرض نزوح السكان من قراهم يشكّل خطراً يطال مصير لبنان وشعبه ، ويستدعي تضامن اللبنانيين ووقوفهم في وجه هذا الخطر الصهيوني . كما يستدعي إقامة دولة لبنانية على قاعدة المواطنية التي توحّد اللبنانيين ، وتشكّل أساساً صلباً لبناء وطن حصين ، تكون فيه الدولة قادرة على حماية لبنان وقراه وسيادته ، وتجمع في كنفها جميع طاقات وقوى شعبنا.