ادفع يا سعدو
تخيّل الأمر معي، إذا كان عليك دين لبائع الخضار بجوار منزلك (ليكن اسمه خضر). وأصبح الأمر ضاغطاً، ولنفترض أنه لديك أخ اسمه سعدو يعيش معك في المنزل ويأكل ممّا تشتريه من خضر. فماذا ستفعل في هكذا وضع؟
الشعوب العربية ليست على ما يرام. الحروب والاحتلال والاستغلال الطبقي والفقر والبطالة والتهجير والقتل والإرهاب والعقوبات والمذهبة والأصولية والقمع والاستبداد تلاحقها من كل صوب. منطقة تختزن ثروات نفطية هائلة، وموارد بشرية وأراضٍ ومساحات ومضائق وممرات وموقع جغرافي تكفي أن تصنع منها قطباً دوليّاً صاعداً لديه ما يكفي من الموارد والإنتاج لتأمين الأمن الاجتماعي والسياسي، وفرص العمل والتعليم والصحة والسكن والاستقرار لكل أبنائها. لكن، هيهات.
منذ أن قرّر الحزب الشيوعي النزول إلى الشارع بشكل كثيف بدءاً من 16 كانون الأول 2018، حدّد لنفسه شعاراً أساسيّاً هو الآتي: " إلى الشارع في سبيل الإنقاذ" بمواجهة سياسات الانهيار. وتوالت بعد هذا التاريخ، وتحت هذا الشعار بالذات، سلسلة من التحركات والتظاهرات الشعبية غير المسبوقة على امتداد النصف الأول من عام 2019، بمبادرة من الحزب أو بمشاركة واسعة منه. وكان الحزب يدرك آنذاك الحاجة الماسّة إلى تجميع قوى الاعتراض الشعبي بتلاوينها المتنوّعة للضغط على النواة الأساسية للتحالف الحاكم من أجل فرض إجراءات إنقاذية ذات طابع استثنائي تتلافى سيناريو الانهيار، وتكون من حيث جدّيتها وشمولها في مستوى الخطورة الداهمة للأزمة التي يتحمّل مسؤوليتها هذا التحالف وسياساته الاقتصادية والمالية والنقدية.
عشية الذكرى السابعة والثلاثين لانطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول)، ضجّت الساحة الوطنية بخبر دخول جزار معتقل الخيام، العميل عامر إلياس الفاخوري، إلى الأراضي اللبنانية عبر مطار بيروت الدولي، وبجواز سفر أميركي، وهو الذي شغل منصب مسؤول وحدات الحراسة العسكرية في المعتقل، ورُقّيَ إلى رتبة رائد في العمالة والإجرام من أسياده الصهاينة، تقديراً له على ممارساته غير الإنسانية والوحشية تجاه أبناء وطنه الذي خانه لصالح عدوّ اغتصبَ أرضه أكثر من مرة، وشرّد أهله إلى أكثر من مكان.
لم تكن انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمول" في 16 ايلول، 1982، أمراً عاديّاً. فقد شكّلت هذه الانطلاقة المفعمة بالجرأة والوطنية، حدثاً تاريخيّاً في مسيرة نضال شعبنا. وبالإضافة إلى طابعها الوطني لبنانيّاً، وعملياتها البطولية ضد العدو الصهيوني المحتل، أحدث دورها تغيّراً نوعيّاً في مسار الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وأظهر أنّ بالامكان التصدي لجيش العدو الذي "لا يقهر" وإفشال عدوانه وإسقاط أهدافه.وهذا ما يشكل عامل ثقة في النضال المقاوم، لتحقيق مطامح شعوبنا العربية بالتحرر، وبخاصة الشعب الفلسطيني المكافح في سبيل حقوقه التاريخية في أرضه ووطنه، ومن ضمنها حق العودة.
صدر العدد الجديد من مجلة النداء بعنوان "لم يُقفل الحساب"، وفيه: