افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني، ثم تحدّث المحامون: غيدا فرنجية، فاروق مغربي ومازن حطيط، مستعرضين بعض النقاط القانونية. وتلت فرنجية بياناً جاء فيه: "بدأ تلاقي المحامين المتطوعين للدفاع عن المتظاهرين في خضم حراك صيف 2015، تابعنا والعديد من زملائنا الدعاوى التي أقيمت ضدّ الناشطين والتي أسفرت عن تبرئة غالبيّتهم الكبرى، وقد عدنا لننطلق مجدداً مع بدء انتفاضة 17 تشرين الأول".
أضاف البيان "بتاريخ 18/12/2019 وبعدما رصدت اللجنة عدداً من أعمال التعذيب والإخفاء القسري والاعتداء على حق التظاهر، تقدّمنا بتكليف من نقيب المحامين في بيروت، بخمس عشرة شكوى أمام جانب النيابة العامة التمييزية، وذلك عن سبعة عشر مدعياً بجرم التعذيب سنداً للقانون 65/2017، وبجرم الإخفاء القسري سنداً للقانون 105/2018، وبجرم التعدي على الحقوق المدنية للمتظاهرين المنصوص عنه في المادة 329 من قانون العقوبات".
أهداف الدعاوى
لفت البيان إلى الأهداف المرجوة من هذه الدعاوى، والتي تتمثّل بالأهداف الأربعة الآتية:
- إنصاف ضحايا التعذيب.
- حماية حرية التظاهر على اعتبار أنها حرية أساسية من الحريات السياسية.
- تصويب عمل الأجهزة الأمنية وعناصرها. فبقدر ما تشكل المحاسبة درساً للإلتزام بدور هذه الأجهزة في حماية المتظاهرين، بقدر ما يشكل إفلات هؤلاء من العقاب مدعاة للإنزلاق في سلوكيات خطيرة يخشى أن تتحوّل إلى نهج.
- استدعاء دور النيابات العامة والقضاء في حماية الحقوق والحريات الأساسية. ومن النافل التذكير أن مهمة النيابات العامة الأولى تقوم على حماية حقوق المجتمع وليس النظام السياسي.
مخالفات جسيمة في مسار النظر في الشكاوى
وتبعاً لتقديم الدعاوى، أشار بيان المحامين إلى عدّة مخالفات تخللت مسار النظر في الشكاوى ووصفوها بالجسيمة، وأبرزها كما لفت البيان:
- إحالة الشكاوى لمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية. بتاريخ 24/12/2019، وبعد حوالي أسبوع من تقديم هذه الشكاوى احالت النيابة العامة التمييزية الشكاوى إلى حضرة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، متجاوزة بذلك المادة 15 من قانون اصول المحاكمات الجزائية التي نصت حرفياً على انه في حال ارتكاب اي جرم جزائي من قبل الضابطة العدلية يكون القضاء العدلي هو الصالح للنظر في هذا الجرم رغم كل نص مخالف.
- إحالة معاونة مفوضة الحكومة لدى المحكمة العسكرية مضمون الشكاوى إلى القطع الامنية المعنية (مخابرات الجيش والامن الداخلي) لإجراء التحقيقات اللازمة. هذه المخالفة حصلت بتاريخ 30/12/2019، وتخالف مذكرة النائب العام التمييزي بإحالة الشكاوى الى قاضي التحقيق المختص.
- حفظ الشكاوى من قبل معاون مفوض الحكومة لسبب عدم قبول المدعين إدلاء إفادتهم أمام فرع المعلومات ومديرية المخابرات من دون أي تحقيق".
وأكّد البيان أنّ "هذه المخالفات تشكل نسفاً لحقوق ضحايا التعذيب وثقتهم بالنيابات العامة وتهديداً مقنعاً لحرية التظاهر فضلاً عن كونه عاملاً جدّ مقلق"، مشيراً إلى "أن هذه الشكاوى الـ 15 التي نصر على وجوب السير بها، هي جزء من مجموعة أكبر من الشكاوى التي نعمل على تقديمها في الأيام القادمة والتي تشمل أفعالاً لا تقل خطورة من تعذيب جسدي (سحل وضرب على مختلف مناطق الجسم، وتعليق وتقييد بطرق مؤذية للجسم)، وتعذيب نفسي (الإهانات والمعاملة التي تحط من الكرامة الإنسانية، الترهيب والتهديد والتوقيف بظروف غير لائقة)".
نداءات ثلاثة
اختتم المحامون بيانهم في توجيه نداءات ثلاثة، تمثّلت بالآتي:
الأول، نداء للجهات القضائية المختصة المدعوّة لتحمل مسؤولياتها في معاقبة جميع المرتكبين مع الأخذ بعين الاعتبار أمراً واحداً "كرامة الإنسان" واللحظة مؤاتية للقضاء اللبناني لبدء تفعيل قانون معاقبة التعذيب وذلك بغية ردع أي ارتكابات مستقبلية. إضافة إلى التأكيد على أن مكافحة التعذيب يشكل جزءاً لا يتجزأ من مكافحة الفساد، طالما أن إفلات التعذيب من العقاب وتحوله إلى نهج سرعان ما سيشكل سلاحاً لكمّ أي اعتراض ضدّ الأشخاص المتورطين بالفساد.
الثاني، لقادة الأجهزة الأمنية بوجوب وضرورة تفعيل المحاسبة المسلكية. فلا يفيد أي من دورات التدريب على حقوق الإنسان في حال بقيت الانتهاكات ضد هذه الحقوق بمنأى عن أي محاسبة.
أمّا النداء الثالث، فهو للثوار المدافعين عن الصالح العام، إذ وعدَ المحامون بتأمين الحماية والمساعدة القانونية، تثبيتاً لدور المحامين في الدفاع عن الحريات العامة والحقوق الأساسية. وقال المحامون في هذا الصدد "كما بدأنا معكم المشوار في العام 2015، سنستمر جنباً إلى جنب حتى يستعيد لبنان مؤسساته العامة كافة فيكون دولة ديمقراطية وعادلة وفاعل".