الرفيقات والرفاق في قيادة الحزب الشيوعي الصيني.
الرفيقات والرفاق الأمناء العامون قادة الاحزاب الشيوعية واليسارية العربية.
تحية وبعد،
اسمحوا لنا أن نثمن مبادرة الرفاق في قيادة الحزب الشيوعي الصيني في تنظيم هذه الدورة الدراسية بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب الشيوعية العربية بعنوان "الاشتراكية والرأسمالية في عصر ما بعد الوباء.
فهذه الدورة تشكل خطوة إضافية على مستوى تعزيز الحوار في ما بيننا بما يخدم الحركة الشيوعية واليسارية عموماً وراهنية فكرها الاشتراكي وقدرته على النجاح ليس فقط في مواجهة وباء الكورونا، بل في بناء الاشتراكية وفق خصوصيات كل بلد من بلداننا لتحويل هذا الحلم إلى واقع سياسي ملموس على الأرض.
لقد نجح الفكر الاشتراكي في مواجهة وباء الكورونا بينما فشلت الرأسمالية في مكافحته. نجح الحزب الشيوعي الصيني الذي وضع أولوية الحفاظ على الأرواح قبل الأرباح في الانتصار على الوباء بينما فشلت الولايات المتحدة الأميركية في مكافحته لأنها فضّلت الأرباح على الأرواح، وفضلت سياسة التصعيد وتوتير العلاقات بتوصيف "الكورونا" بالفيروس الصيني، والتهديد بقطع العلاقات مع الصين، ووصفها بعدو الإنسانية فضلاً، عن دعم الحركات الانفصالية في تايوان وشينجيانغ ورفع العقوبات عن الحزب الإسلامي التركستاني عن لوائح الإرهاب، وضرب هونغ كونغ كمركز مالي وتجاري عالمي وإشعال الحرب التجارية. وها هو الشعب الأميركي يسقط رأسمالية كورونا ورأس هذه السياسة الشعبوية المتطرفة ترامب والتي أمعنت أيضاً في استهداف شعوبنا العربية وتصفية القضية الفلسطينية عبر مشروع الشرق الأوسط الجديد وخطتها التنفيذية صفقة القرن.
لقد فضحت أزمة "كورونا" الطبيعة الطبقية المتوحشة للنظام الرأسمالي الذي يهدد مصير البشرية، في تجريده الإنسان من انسانيته ومن انتمائه الاجتماعي، متسبّباً بموت آلاف البشر يومياً، وبزيادة معاناة الملايين من العمال والفقراء جوعاً وفقراً وبطالة نتيجة ضخامة كلفة الإنعكاسات الاجتماعية عليهم . وفي ظل الكورونا سعت المؤسسات الخاصة ومنها المستشفيات إلى تعزيز ربحيتها على حساب صحة المصابين وسائر القوى الاجتماعية وفي مقدمها العاملين في القطاعين الصحي والاجتماعي. وهذا يعزّز الطرح السياسي المنادي بأهمية دور القطاع العام والدولة عموماً في إدارة المجتمع والاقتصاد، بخلاف القطاع الخاص والاحتكارات التي يتركّز همّها الأساسي على اقتناص الأرباح.
كل ذلك يضع معركة مكافحة كورونا في إطار الصراع الطبقي الذي تخوضه الطبقة العاملة على الصعيد العالمي، بل الذي تخوضه الإنسانية جمعاء ضد النظام الرأسمالي، ولا سيما دول المركز (الولايات المتحدة – أوروبا – انكلترا ...)، في مقابل تسجيل الصين وكوبا والدول التي ورثت نظماً صحيّة من المنظومة الاشتراكيّة مثل روسيا، والتي أثبتت فعالية وحققت نجاحات سياسية وانسانية في مواجهة جائحة "الكورونا"، بشقيّها الصحي والتضامني سواء لجهة تأمين العلاج والمتابعة في الداخل أو لناحية تقديم المعونات إلى الدول المنكوبة الأخرى، بعكس دول المركز الرأسمالي التي فرّطت بكل شيء وفي المقدمة منها صحة الإنسان وحياته.
إننا ننظر إلى أهمية الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني وإلى تأثيره في العالم في تجربته الناجحة التي نعتبرها ملحمة في تاريخ البشرية والإنسانية في معركته التي يخوضها خلال عملية الانتقال إلى الاشتراكية لأكثر من مليار و400 مليون إنسان، وفي النجاحات التي يحققها مقابل تراجع الدور المهيمن للولايات المتحدة الأميركية، التي تحاول خلق مناخ من الحرب الباردة يعكس استماتة هذه الدولة في المضي قدماً في استهداف الصين، التي تعتبرها مصدر خطر على هيمنتها. وفي حقبة ما بعد كورونا تشير المؤشرات إلى اتجاه نحو نظام عالمي جديد سماته الأساسية، عولمة أقل ودور أكبر للدولة الوطنية، مع تنامي ثنائية عالمية يتوقّع أن يكون محورها الصين والولايات المتحدة، في ظل تغيير هائل في نمط العلاقات الاجتماعية والإنسانية وفي شروط العمل والإنتاج.
أيتها الرفيقات والرفاق
لقد طرح الرفيق شي جي بينغ عام 2013، مبادرة "الحزام والطريق". وإذ نؤكدعلى دعمنا المطلق لهذه المبادرة لما فيها من منفعة مشتركة لشعوبنا العربية والشعب الصيني. إنه مشروع نضالي للقرن الواحد والعشرين، يتجسد بالنسبة لنا كأحزاب شيوعية عربية في النضال من أجل التحرر الوطني والاجتماعي ضد الهيمنة الإمبريالية ونهب خيرات شعوبنا وضد أدواتها من أنظمة عربية تابعة لشبكة الرأسمال المعولم ومنظومات سياسية تقف عقبة رئيسية لمنع تحقيق هذه المبادرة، فكم من مشروع قدمته الصين لهذه الأنظمة وسلطاتها ورفضته بفعل تبعيتها للولايات المتحدة الأميركية ولنا في لبنان أمثلة كثيرة على ذلك.
فما العمل لمواجهة ذلك؟
نحن مدعوون لوضع رؤية متكاملة وخطة عمل ومشاريع مشتركة تنطلق من نقطة أساسية بأن مبادرة "الحزام والطريق" بحاجة إلى أكثر من طريق كي تتوسع وتتعزز، وأن أقصر الطرق هي طريق الشعوب التي أسستها تاريخيا كحاجة موضوعية للتعاون وللمنفعة المتبادلة. ومن أجل ذلك، لا خيار لنا كأحزاب شيوعية عربية وحزب شيوعي صيني إلا تعزيز علاقاتنا وتوسيع مروحة التعاون المشترك، لتتوسع بذلك مبادرة "الحزام والطريق" وتعود فائدتها إلى شعوبنا العربية وانتفاضاتها وحركاتها التحررية، كما تعود بالمثل هذه الفائدة إلى الشعب الصيني والحزب الشيوعي الصيني أيضاً.
أيتها الرفيقات والرفاق.
إن مهمتنا الأساسية اليوم هي توحيد الطاقات والجهود من أجل التخلص من هذا النظام العالمي الذي تهيمن عليه الإمبريالية الأمريكية باعتباره عائقاً امام تطور وتقدم وسعادة البشرية. ونحن إذ نشدد على وقوفنا بمواجهة المشروع الأمريكي في منطقتنا، جنباً إلى جنب مع الرفاق في الأحزاب الشيوعية العربية نرى إن مواجهة أدواتها، من الكيان الصهيوني، إلى أنظمة التطبيع والقمع والاستغلال، هي هي مواجهة للإمبريالية في الوقت عينه.
بيروت في 10 – 11 – 2020