موريس نهرا

موريس نهرا

الصفحة 12 من 14

لم تكن انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمول" في 16 ايلول، 1982، أمراً عاديّاً. فقد شكّلت هذه الانطلاقة المفعمة بالجرأة والوطنية، حدثاً تاريخيّاً في مسيرة نضال شعبنا. وبالإضافة إلى طابعها الوطني لبنانيّاً، وعملياتها البطولية ضد العدو الصهيوني المحتل، أحدث دورها تغيّراً نوعيّاً في مسار الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وأظهر أنّ بالامكان التصدي لجيش العدو الذي "لا يقهر" وإفشال عدوانه وإسقاط أهدافه.
وهذا ما يشكل عامل ثقة في النضال المقاوم، لتحقيق مطامح شعوبنا العربية بالتحرر، وبخاصة الشعب الفلسطيني المكافح في سبيل حقوقه التاريخية في أرضه ووطنه، ومن ضمنها حق العودة.

من المعروف أنّ لبنان الكبير، قد أعلن الجنرال الفرنسي غورو في قصر الصنوبر في بيروت، عام 1920 نشوءَه. وقد ارتبط هذا النشوء كدولة، بمضمون اتفاق سايكس- بيكو عام 1916، الذي يرمي إلى وراثة تركة "الرجل العثماني المريض" وتقسيم وتقاسم منطقتنا بين فرنسا وبريطانيا، عند انتهاء الحرب العالمية الأولى. وقد جرى تحت تأثير الانتداب الفرنسي وفي ظل سلطته، بدء تشكل النظام السياسي والتمثيل والتوزيع الطائفي في مواقع السلطة، وكذلك الوضع الاقتصادي وميزاته ووجهة نموّه. ومن الطبيعي أن يتركز دور سلطة الانتداب على خدمة مصالحها ومصلحة بلدها وأهدافه في لبنان والمنطقة سياسيّاً، وأن يبقى الاقتصاد اللبناني في موقع ضعفٍ وتبعية، في حدود ما تراه مصلحةً لها، وللمركز الرأسمالي عالميّاً، وليس وفقَ حاجات شعبنا وإمكانيّاته وميزات بلدنا.

التلوث البيئي والتلوث الطائفي مشكلتان أساسيّتان في بلدنا. فمشكلة النفايات وتلوث البيئة ما زالت بين أولويات القضايا التي تحوز على الاهتمام والاستياء الشعبي. ولم يجرِ أي تقدم فعلي في معالجتها.

مع تراجع وتيرة التهديدات الأميركية العلنية ضد فنزويلا، في الأسابيع الأخيرة، وانخفاض نبرة المسؤولين الأميركيين حيالها، قد يتراءى للبعض أنّ ذلك يؤشّر إلى انتهاء سياسة العداء لفنزويلا، التي بدأت مع وصول هوغو تشافيز إلى رئاسة الدولة عام 1998. لكنّ واقع الأمر هو غير ذلك، فعداء واشنطن للنهج البوليفاري التشافيزي، هو هو، بالأمس واليوم.

ليس غريباً أن يجري تنافس سياسي بين الزعامات والأحزاب السياسية، بدافع تعزيز نفوذ كلٍّ منهم، شعبياً وفي مواقع السلطة ومؤسسات الدولة. فهذا من طبيعة العمل السياسي وممارسة حرية الفكر والتعبير. لكن الغريب والمؤلم أن يصل التنافس والصراع إلى إسقاط ضحايا من المحازبين، هم من عامة شعبنا الطيب، وليس في مواقع الدفاع عن الوطن ضدّ غازٍ ومحتل، ولا دفاعاً عن المصالح المعيشية المشتركة للناس، ضدّ الافتئات على حقوقهم الاجتماعية، ورفضاً لسياسة الطبقة السلطوية ونظامها العاجز المأزوم.

ليس جديداً التحدّث عن أهمية صمود كوبا، ودور القائد الاستثنائي الكبير فيديل كاسترو، الذي قاد ثورتها إلى الانتصار، وعلى تخوم أكبر وأشرس دولة إمبريالية. وهذا الصمود الذي ارتبط بإنجازات هذه الثورة، وبالتفاعل والثقة المتبادلة بين القائد والشعب، استند أيضاً إلى توحيد الطاقات الشعبية في أطر تستدعيها حماية الثورة وصمودها، وتحقيق أهدافها بتحرّر الوطن والإنسان من خلال الحزب الشيوعي، إلى النقابات العمالية، والشبيبة الشيوعية، والاتحاد النسائي، وصولاً إلى لجان الدفاع عن الثورة المنتشرة في كلّ حي ومدينة وقرية، التي تضم ستّة ملايين عضواً. وهذه الثورة بتجربتها وبمنطلقاتها الفكرية، شكّلت مدرسةً لتكوين الكوادر، ورفد الحزب والدولة، بالكفاءات والقيادات الجديدة والشابة، للتمكّن من مواجهة الصعوبات والتحديات المستمرّة، ومواصلة عملية بناء الاشتراكية في الظروف الكوبية، بالرغم من الحصار الاقتصادي الأميركي الجائر على كوبا، منذ عام 1961.

الصفحة 12 من 14