الجامعة اللبنانية كحال السلطة: تخبط وسوء إدارة

ما زالت الجامعة اللبنانية تعاني من نقص في العديد من خدماتها، وذلك يؤثر بشكل سلبي على طلابها الذين يتحمّلون إهمال وفشل الجامعة في إدارة الأزمة. فالجامعة اللبنانية اليوم لا تهتم أبداً بطلابها وتحديداً بصحة طلابها النفسية، فهي تسعى لإنهاء العام الدراسي فقط. ويزيد من هذه المعاناة عدم اتخاذ تدابير لتغيير هذه الحال".

المجالس الطلابية: غياب لأكثر من 10 سنوات..!


هناك تعطيل واضح لقيام انتخابات لتفعيل المجالس الطلابية منذ أكثر من 10 سنوات. تتحمل مسؤولية هذا التعطيل الأحزاب السياسية (فهي المسيطر الأول والأخير على هذه المجالس)، كما يتحمل جزءاً من المسؤولية الطلاب أنفسهم الموالون للأحزاب السياسية والطائفية، ما أدّى إلى غياب تمثيل الطلاب والدفاع عن مطالبهم أمام إدارة الجامعة. وللمجالس الطلابية إمتيازات، وفقاً لنظام الجامعة يحق للمجالس الطلابية الإشراف على سير العملية التعليمية، مما يتعذّر هذا الإمتياز على الأفراد. وفي النظام التعليمي، هناك آلية لتقييم أساتذة الجامعة من قبل الطلاب، وهناك ضرورة لإعادة تفعيله، فهناك عشرات الشكاوى بحق عدد من الأساتذة، دون أي إمكانية لمساءلتهم فعلياً أو فتح تحقيق حول تهم تتعلق بمصير الطلاب. إذاً، نحن اليوم بأمسّ الحاجة لانتخابات طلابية عادلة، تنبثق عنها مجالس طلابية كفيلة بتمثيل جميع الطلاب، وليس مجالس طلابية تابعة لأحزاب طائفية.

اللوجستيات المفقودة


مثلما نعلم جميعاً فإن موازنة الجامعة اللبنانية ضئيلة جداً نسبةً لعدد الطلّاب المسجّل فيها ولدورها الريادي المفترض أن تلعبه. فنقص التجهيزات اللوجستية التي تحتاجها العملية التعليمية، هي شكوى تجتاح أغلب فروع الجامعة اللبنانية، فالموازنة غير كافية لتجهيز الجامعة بالأساسيات التي يحتاجها الطلاب، مثل الكراسي وقلة عددها وقاعات الدروس وصغر حجمها. وهناك تفاوت وتمييز بين ما يخصص من موازنات لكلّ فرع من فروع الجامعة اللبنانية. وذلك يدخل ضمن تقسيم الجامعة على أساسٍ طائفي- مناطقي. إضافة إلى ذلك، يشير بعض الطلاب إلى عدم توفّر دورات مياه لائقة للاستخدام. حدث ذات يوم أن اضطرّ البعض إلى حلّ امتحان على الأرض، وذلك بسبب نقص الكراسي، إزاء هذا الواقع المؤلم والمؤسف، نرفض نحن – طلاب الجامعة اللبنانية- الوضع الذي أوصلتنا إيّاها السلطة السياسية، من تقشّف في الموازنة وهدر للمال العام لصالح متعهدي القطاع الخاص وصولاً الى واقع البنية التحتية المتردّي. ونطالب السلطة ببناء مجمّعات لائقة وتوحيد الفروع بعد أن قامت بتوزيعها طائفيّاً ومناطقيّاً على أحزاب السلطة.

 

الإمتحانات: إجراؤها " كيف ما كان"!!


إن المعتمد حتى الآن، طريقة التلقين التقليدية مع غياب أي طرق تفاعلية. وتستمر المحاضرة مدة ساعتين بنفس النمط التلقيني. فالطريقة التي تجري بها الإمتحانات، ما زالت تقليدية، أي من ناحية المناهج الدراسية، أو من عدم تحديد أهداف المواد التدريسية ومحتواها.  لكن ما يحدث في الواقع أن الامتحانات تأتي كالفرض، فالطلاب مجبرين على درس المادة كلها، بالإضافة إلى حفظها وكتابتها كاملة في الامتحانات، بسبب هاجس ومخاوف من الأساتذة الموسومين بصفات مرعبة لدى الطلاب فيما يخص الامتحانات. وبعد إجراء الإمتحانات تأتي عملية التصحيح، فمن حق الطالب، أن يطالب بإعادة التصحيح والتدقيق في ورقة إجابته. ويحق للطالب أن يطلب حضور مصحح ثاني للبت في علامته. يضاف إلى كل ذلك، وجود توصيات بوضع حد أقصى للعلامات لا يمكن تجاوزه، حتى لو كان الطالب متفوّقاً، فيمنع إعطاؤه حقه، لأن السقف المُحدَّد للعلامات لا يجب أن يتجاوز 70% أو 75% في بعض المواد. بينما في فروع الجامعة في المناطق الأخرى، يُحدَّد سقف أعلى لإعطاء العلامات وذلك وفقاً للتوجّهات السياسية التي تخضع لها إدارة الكلية. والانكى من ذلك أن إدارات الجامعة اللبنانية حدّدت مواعيد اجراء الإمتحانات على عجالة غير مبالين بصحة الطلاب، ولا بالأزمة الحاصلة في البلد. إذاً، أولويتهم إنهاء العام الدراسي، وليس الحفاظ على نوعية التعليم.

المواد الجامعية: استغلال للتجارة


تختلف المناهج في الجامعة اللبنانية بين كلية وأخرى، وذلك نظراً لغياب التنسيق، فكل كلية تعتمد المرجع الذي يحدّده أستاذ المادة، مما يسبب إختلافات كبيرة بين ما يتلقاه الطلاب من مضمون تعليمي بين فرع وآخر. بالإضافة إلى هذه المشكلة، الجامعة تتعاطى بشكل تجاري مع التعليم، بعيداً عن دورها الأكاديمي أو التربوي. فتعديل المواد هو فقط بتغيّر الغلاف الخارجي، وليس إلّا أداة يستخدموها من أجل بيع الكتب للطلاب من جديد. وأغلب طلاب الجامعة اللبنانية من الطبقات الفقيرة أو المتوسطة، فالطالب يتكلف ما يقارب ٣٠٠ ألف ليرة ثمن كتب مصوّرة وهشّة. إن طالب الجامعة اللبنانية قد انتسب إليها بسبب تواضع حالته المادية، والتعاطي معه وفق أسس تجارية هو أمر غير مهني وغير إنساني.  وهناك العديد من الطلاب الذين يتقاسمون شراء الكتب ويشترون نسخة واحدة لعدم قدرتهم على شراء نسخ خاصة بهم. هؤلاء الطلاب آتون غالباً من مناطق بعيدة، ويقضون يومهم على الطرقات في الحافلات وفي زحمة السير، ويبقون طوال يومهم دون شراء أي لقمة كي يوفّروا المال اللازم ثمّ يأتي من يتاجر بهم...!!

 

بناءً على ما تقدم، إنّنا مستمرون في نضالنا ضدّ سياسات هذا النظام، من أجل جامعةٍ وطنية مستقلّة لن نستعيدها إلّا بالنضال الحقيقي، وانتظامنا من مختلف الجامعات تحت لواء اتّحادٍ طلابيّ جامع يكون منصّةً نقابيّة تنتزع حقّنا  اليوم في تعليمٍ لائق على الصعد كافّة.