رسالة من ميّتٍ على قيد الحياة...

هنا، في أماكننا الصيفيّة، سرَتْ رجفةٌ صاخبةُ المنايا، تلفّتنا حوالينا بدهشةٍ واستغراب، بألفِ ألف سؤالٍ وسؤال في الثانية الواحدة.
كانت عقاربُ السّاعةِ تُشيرُ للسادسة والنصف عصراً على وجه التقريب، لكنَّ عصفاً ضرب الأرجاء، وخيّمَ في فضاء بيروت ألوانٌ لم نعهد لها مثيلاً؛ فامتثلنا لإراقةِ دمِنا وإزهاق أرواحنا، غير مبالين بتساقط الزجاج وقضبان الألمنيوم، كما لو تسحبنا إليها تلك السحابةُ المتخذةُ شكل الفطر.
لكنّه، ليس موسم الفِطر، ولسنا في عيد الفطر السعيد، بل نحن في عيد الأضحى المبارك، في عيد الجيش اللبناني.

ولكي لا ننسى، نحن في زمن الفساد والمُفسدين، وانهيار الإقتصاد، كما الأخلاق وحصار الشيطان الأكبر الأميركي لبلادنا. أوه... تذكّرتُ في هذا البُعد السحيق.. شروطَ بومببو وزير خارجية الويلات المتحدة الأميركية، الشروط الخمسة القائمة على تجويعنا وإخضاعنا وقتلنا كرمى العدوّ الصهيوني.

دماؤنا، نحن جموع اللبنانيين، لطالما تفرّقت بين أمراء الحرب وقبائلهم. قتلٌ، إخفاءٌ قسري، مقابرُ جماعية، تهجيرٌ، دمارٌ، نيرانٌ، دخانٌ ورماد، مستوعبات تحت أيِّ مسمّى لمواد مشّعة سامّة خطرة وقاتلة، يسعى أصحابها للتخلّص منها، ودائماً على حساب شعوب العالمثالث،
كأنّ لم يكفِنا الفساد المستشري، استشراء الناهبين، الدولة العميقة، النظام الطائفي الزبائني.

لم يكفنا، طوابير الخبز والوقود، جبال النفايات، تلوّث الماء، تلوّث العقول والنفوس. هروب من حكموا لثلاثين "قطعةٍ من الفضة".. ثلاثين سنة من نهب أحلامنا، شبابنا وأرواحنا.

لم يكفنا كلّ هذا الموت في الحياة كي ننهضَ، ونقفَ وقفةَ شعبٍ واحد، بل يتبجّح بعض الساسة.. أهل السوء، بالمزيد من العِفةِ والتنكّر، والصلف، بالأحرى يخرجون علينا لمزيدٍ من القتل والقتل والقتل...!!
نحن في مرحلة التوّحش على درجة ريختر الموت، ولمّا نزلْ نهلّلُ، نُصفّق للزعيم الطائفي القاتل من تحت الأنقاض.. بالدّم بالروح...

نحن المقتولين، نحن المفقودين... طمنونا عنكم...