النقابة تنتفض، فتنتصر ل ١٧ تشرين

النضال فعل تراكمي يبني المستقبل حجراً فوق حجر، وهو يقوم على الإيمان بعدالة القضايا التي تخاض. وفي هذا السياق فإن انتفاضة ١٧ تشرين هيّأت الأرضية الصحيحة لتعديل مزاج الشعب اللبناني تجاه مستقبل البلاد وحلم أبنائه ولا سيما الشباب منهم.

باكورة التغيير الذي أحدثته الانتفاضة عند اللبنانيين تتجلّى بأرقى صورها لدى فئات وازنة في المجتمع، فئات كانت زيّنت شوارع الانتفاضة بشباب وشابات وضعوا مستقبل لبنان نصب أعينهم ولم يبرحوا الساحات لسنة ونصف من عمر الانتفاضة؛ وكانت نتائج نضالهم تظهر تباعاً، فبعد انتصار روح الانتفاضة في نقابة المحامين وهزيمة أحزاب السلطة فيها حصدت تلك الروح نتائج الانتخابات الطلابية التي جرت في الجامعات الخاصة لذلك تماطل أحزاب السلطة في إجراء انتخابات الطلاب في الجامعة اللبنانية خوفاً من سقوطها هناك أيضاً، وتوجّت انتفاضة تشرين جهدها يوم الأحد الفائت في ٢٧ حزيران بانتصار إئتلاف النقابة تنتفض في انتخابات نقابة المهندسين حيث كان لافتاً المشاركة الكثيفة للمهندسين والمهندسات الذين ناهز عددهم الـ ٨٠٠٠ مهندس منتخب  مقابل حوالي ٥٠٠٠ كانوا يشاركون سابقاً.

النقابة تنتفض، فتنتصر. محقّقةً رقماً قياسياً من خلال فوزها بستة فروع من أصل سبعة حيث تمكّن موظفو القطاع العام من تسجيل خرق وحيد لمصلحة أحزاب السلطة، فالانتصار المدوّي للمعارضة والخرق للسلطة وليس العكس هذه المرة.

قابل الأيام، سيكون هو المحكّ لتجميع وتوحيد الجهود لإئتلاف للنقابة تنتفض حيث سيجري في ١٨ تموز انتخاب نقيب وأعضاء مجلس نقابة المهندسين. وعليه فقد دعا قطاع الهندسة في الحزب الشيوعي إلى التنبّه لانتخابات المرحلة الثانية والأهمّ، وإلى استكمال المعركة ورصّ الصفوف والمشاركة الكثيفة فيها دعماً للائحة إئتلاف النقابة تنتفض.

ساعة واحدة كانت كفيلة بالتأكّد أنّ فارق الأصوات شاسع: ثلثان لمصلحة إئتلاف «النقابة تنتفض» مقابل ثلث لمصلحة الأحزاب، إذ إنّ معدّل الأصوات في معظم الصناديق كان 250 مقابل 100 صوت. هكذا، فازت لائحة مندوبي ومندوبات إئتلاف «النقابة تنتفض» بأعضائها الـ221 من أصل 231 مرشحاً، مقابل فوز 62 مندوباُ من مرشحي تكتّل الأحزاب، بعدما ترك ائتلاف المعارضة 51 مقعداً فارغاً. كما فاز ثلاثة لوائح مقفلة تضمّ 15 مرشحاً لـ«النقابة تنتفض» في الفروع الثلاثة: المهندسون المدنيون الاستشاريون، المهندسون المعماريون الاستشاريون، والمهندسون الزراعيون ذوو الاختصاصات المختلفة. فيما فاز المندوبون و5 مرشحين لتكتّل الأحزاب في فرع المهندسين العاملين في القطاع العام، حيث الغلبة فيه لناخبي أحزاب السلطة.

أما لائحة «المهندس أولاً» التابعة لتنسيقيّة «مهندسون مستقلون» و«لنا النقابة المستقلة»، فلم تحصل إلّا على 126 صوتاً برغم وعود «القوات» بدعمها ..!

ويُعدّ فوز إئتلاف «النقابة تنتفض» إنجازاً في الفروع على اعتبار أنّهم سيحصلون للمرة الأولى على 3 أعضاء داخل مجلس النقابة، على أن ينتخب أحد الخمسة الفائزين كرئيس للفرع وممثلاً عنه في مجلس النقابة في انتخابات المرحلة الثانية في 18 تموز المقبل. وأكثر من ذلك، يُمكن القول إنّ ائتلاف المعارضة صار اللاعب الأقوى في انتخابات النقيب بعد 20 يوماً.

كلّ تلك الانتصارات الانتخابية بعد انتفاضة 17 تشرين تؤكّد أن وجود قوانين انتخابية غير طائفية يفتح المجال أمام قوى التغيير الحقيقية للدخول إلى المجالس التمثيلية وحمل هموم المنتخبين. من هنا تبرز الحاجة الملّحة إلى وجود قانون انتخاب عصري يفتح الطريق أمام الشعب اللبناني لانتخاب ممثلين حقيقيين له يكونون صوته الصادق في الندوة البرلمانية.