لم يكن تاريخاً عادياً ذلك الذي خاضته أجيال متعاقبة من الشيوعيين اللبنانيين. قدموا أمينين عامين شهداء على مذبح الوطن، فاستشهد فرج الله الحلو تحت التعذيب في أقبية الاستخبارات في دمشق، واغتيل جورج حاوي في عبوة ناسفة في بيروت، بعد سنوات طويلة تميّز فيها كل من القائدين الشهيدين بالكاريزما والرؤية والجرأة والمبادرة، فكانا رمزين لحركة التحرر الوطني العربية قاطبةً.
آلاف الشهداء منذ معارك استقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي، والنضال ضد الحركة الصهيونية منذ أوّل أيام الهجرة الصهيونية، مروراً بنضالات عمال التبغ ومعمل غندور والحركة الطلابية، وصولاً إلى الحرس الشعبي وقوات الأنصار وشهداء المقاومة الوطنية اللبنانية والحرب الأهليّة وشهداء الفكر والكلمة.
كانوا وما زالوا، ضمير الطبقة العاملة وطليعتها، ورافعي لواء حركة التحرر الوطني ومقاتليه الأشدّاء، ومقدامي النضال من أجل التغيير السياسي والاجتماعي في لبنان والمنطقة والعالم. أعطوا للمقاومة بعدها الطبقي وأعطوا للنضال الاجتماعي بعده الوطني، فكانوا وما زالوا في عيدهم السادس والتسعين، جذوراً ضاربةً لسنديانة حمراء عتيقة، كلما عتقت اشتدّ عودها وضربت جذورها أعمق في عروق الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
التحيّة، كل التحية، للشيوعيين المرابطين على قضيتهم، المدافعين عن طبقتهم، المقاتلين من أجل وطنهم، والذين واجهوا ويواجهون كل أشكال الاستغلال والاحتلال، والتمييز الطائفي والعنصري، والظلم والاستبداد والتبعية والهيمنة.
96 عاماً من درب النضال الطويل
كانوا عشرات من العمّال والمثقّفين الذين اجتمعوا في بكفيّا والحدث، وكذلك بين صفوف اللاجئين الأرمن في عشرينيات القرن الماضي. اجتمعت في بوتقة واحدة نضالات عمال التبغ والصحافيين والكتّاب والمهمّشين المطاردين من فلول السلطنة العثمانية، فكان حزب الشعب اللبناني، وبعد سنوات قليلة صاروا حزباً جماهيرياً في إطار الحزب الشيوعي اللبناني - السوري ومن ثمّ صار اسمه الحزب الشيوعي اللبناني.
النداء 2024. حقوق المنادى فقط محفوظة.